في العام 1940، قرر يوسف خليل المؤيد ترك عمله في صناعة اللؤلؤ المتعثرة في البحرين وتأسيس عمل حر صغير في تجارة الأجهزة الكهربائية، لكنه طالما وضع نصب عينيه مساعدة المحتاجين. وتقول ابنته منى المؤيد: "كان والدي يحقق ربحاً صغيراً لا يتجاوز 100 دينار بحريني (حوالي 265 دولاراً)، وكان من عادته أن يقتطع 3 بالمئة من ذلك الربح ويعطيه لأمي لتوزعه على الفقراء. لقد دأب على فعل هذا الشيء طوال حياته".
هذا التقليد مستمر حتى وقتنا الحاضر، إنما على نطاق أوسع؛ إذ تعد مجموعة "يوسف خليل المؤيد وأولاده" اليوم واحدة من أقدم الشركات العائلية في البحرين، وهي تشغّل حوالي 8 آلاف عامل وموظف، وتعمل في طيف واسع من الأعمال التجارية تتصدره تجارة السيارات والإنشاءات. وتتبرع الشركة بنسبة 3 بالمئة من صافي أرباحها السنوية للأعمال الخيرية، بالإضافة إلى مئات الساعات التي يكرّسها موظفو المجموعة لصالح العمل التطوعي الخيري، ما يعني أن النشاط الخيري ركن أساسي في ثقافتها. وفي العام 2013، أضفت المجموعة طابعاً رسمياً على تبرعاتها وذلك بتأسيس لجنة يوسف وعائشة المؤيد للأعمال الخيرية التي "أطلقنا عليها اسم والدينا"، كما توضح منى. وتحولت هذه اللجنة إلى منبر لمساعدة الأشخاص المحرومين في البحرين وخارجها. وتنشط اللجنة في قطاعات التعليم والرعاية الصحية ورعاية المسنين، وهي مدعومة بميزانية سنوية تقارب المليون دولار.
وعن ذلك تقول منى المؤيد: "إنها ثقافة نحاول أن نرسخها بين موظفينا. إذا نشأ المرء على هذا النهج، فإنه سيعيد حتماً جزءاً مما يكسبه إلى المجتمع. الفكرة هي مساعدة الآخرين".
وهذا النهج ينطبق فعلاً على منى، فقد تربت وهي طفلة في هذا الجو، حيث كان العطاء أمراً مسلماً به في حياة أسرتها، وتضاعفت وتيرة هذا العطاء وحجمه مع نجاح أعمال العائلة. في البداية كانت والدتها تشتري الكتب المدرسية أو وحدات تكييف الهواء للعائلات الفقيرة حولها. وتقول منى: "كانت والدتي معروفة في المجتمع، يأتي الناس إلى منزلها حيث كانت تعتني بأطفالهم. كانت الحياة بسيطة للغاية حينها".
لكن هذا النهج تطوّر بمرور الزمن وتحوّل إلى تبرعات كبيرة موجهة لمشاريع مجتمعية متنوعة. فقد موّلت أسرة المؤيد وحدة لإعادة تأهيل مدمني المخدرات والكحول في البحرين، ومركزاً مختصاً بأمراض الكلى وزراعتها، كما قدمت الأسرة مليون دينار بحريني لدعم وحدة غسيل الكلى. ويجري حالياً إعداد خطة لبناء مركز تقاعد لخدمة كبار السن بتكلفة مليوني دولار.
وتقول منى: "شجعنا والدي دائماً على الاهتمام بالفقراء والمحرومين، كان من صفاته أنه لا يرفض طلباً لأي شخص يحتاج المساعدة".