في العام 2015، أعلن سمو الأمير الوليد بن طلال أنه سيهب كامل ثروته للأعمال الخيرية. وكان ذلك الإعلان الذي جاء في مؤتمر صحافي عقد في الرياض نقطة تحوّل مهمة بالنسبة لقطاع العطاء في الشرق الأوسط، لأكثر من سبب ـ ليس أقلها القيمة الهائلة لهذه الهبة، والتي تبلغ 32 مليار دولار. في تلك اللحظة، أصبح الأمير الوليد بن طلال أول مسلم عربي يعلن عن هذا التعهد التاريخي، ليرسم آفاقاً جديدة للعطاء في منطقة معروفة أساساً بسخائها.
لكنّها لم تكن البداية بالنسبة للأمير السعودي، فهو أحد أكبر المتبرعين للعديد من القضايا الإنسانية حول العالم منذ مدة طويلة. وفي هذا العام وحده، تعهد الوليد بن طلال بتقديم مليون دولار لمساعدة ضحايا الزلازل المزدوجة في اليابان والإكوادور، ومليون دولار آخر لمساعدة آلاف المتضررين من الفيضانات في سريلانكا. وقد وصلت مساعداته حتى الآن إلى مستحقيها في 120 بلداً. لكنّ تعهده بهبة الـ 32 مليار دولار وإنشائه مؤسسة خاصة بذلك باسم "الوليد للإنسانية" وضعت أعماله الخيرية لأول مرة تحت دائرة الضوء العالمية.
والحقيقة هي أن شيئاً لم يتغير في نهج الأمير، لكنّ وتيرة عمله تتسارع بالتأكيد. وتقتبس سمو الأميرة لمياء آل سعود، الأمين العام الجديد لمؤسسة الوليد للإنسانية، كلمات رئيسها فتقول: "يرى سمو الأمير أننا بعد 35 عاماً من العمل ما زلنا نمهّد الطريق، والانطلاقة الحقيقية قادمة".
مع ذلك، فمن الجليّ أن عطاء الأمير غدا أكثر وضوحاً. ففي شهر يونيو، كان الوليد بن طلال واحداً من بين 17 شخصية جديدة وقعت على "تعهد العطاء"، وهي حملة قادها بيل غيتس ووارن بافيت لحثّ أصحاب المليارات على التبرع بنصف ثرواتهم على الأقل للأعمال الخيرية. وبذلك، فهو أول مواطن عربي خليجي يوقّع على هذا التعهد، لينضم إلى مجموعة بارزة من قادة الأعمال من أمثال رائد الأعمال البريطاني ريتشارد برانسون، ومؤسسي خدمة Airbnb برايان تشيسكي وجو جيبيا ونايثان بليشارجيك، ورجل الأعمال الأميركي مايكل بلومبرغ.
تتمثل رسالة "الوليد للإنسانية" في بناء الجسور نحو عالم أفضل تطغى فيه قيم التسامح والتعاطف بين البشر. وتسعى المؤسسة إلى تعزيز الروابط الثقافية من خلال التعليم، وتطوير المجتمعات، وتمكين النساء والشباب، فضلاً عن تقديم الإغاثة عند الأزمات والكوارث. وقد بدأت المؤسسة عملها بالفعل في جميع هذه المجالات. وللتسامح والاحترام مكان في قلب عمل المؤسسة، إذ يقول مؤسسها: "الإنسانية لا تقتصر على دين واحد ولا عرق واحد ولا جنس واحد. ولذلك فإن مساهماتنا ستشمل العالم بأسره، وليس منطقة واحدة فقط".
وتصف الأميرة لمياء سمّو الأمير بأنه قدوةٌ يحتذى بها، وتقول: "آمل بأن يشجع تعهّده الآخرين ويلهمهم". كما أوضحت أنّ توزيع هبة الـ 32 مليار دولار سيتم خلال فترة حياته، من خلال مبالغ تقدمها شركاته وتزداد قيمتها تدريجياً وفقاً لبرنامج زمني محدد.
وتقول الأميرة لمياء وهي تبتسم: "نحن نريد أن تواصل أعمال الأمير التجارية نموها لأسباب واضحة". فلدى المؤسسة اليوم نحو 100 مليون مستفيد في جميع أنحاء العالم.