تطلبت عملية إعداد المرشحات لبرنامج 'مسارات واعدة' أن يفكر فريق عمل الجامعة بطريقة خلاقة، خارج نطاق المألوف. فاستهدف الفريق في البداية اللاجئات الروهينغا وعاملات مصانع الألبسة، ثم انتقل إلى مناطق النزاعات، ولجأ إلى استخدام أساليب مبتكرة لإيصال رسالة الجامعة إلى المرشحات المحتملات.
في أفغانستان، على سبيل المثال، حيث ما تزال حركة طالبان تضطهد الفتيات اللواتي يحاولن الذهاب إلى المدرسة، تشاركت الجامعة مع مشغل محلي لخدمات الهواتف النقالة لكي يوفر قائمة بأسماء المشتركات النساء.
ويشرح أحمد هذه المقاربة، فيقول: "كنا نبعث رسائل قصيرة بكثافة إلى المستخدمين من النساء مفادها، 'هل تعرفين أية فتيات ذكيات يرغبن بمتابعة دراستهن في الجامعة؟'. في الحقيقة، كانت هذه الطريقة الوحيدة التي كنا قادرين من خلالها أن نوصل رسالتنا إلى المجتمعات الأكثر تأثراً بالنزاعات".
في سوريا، كانت نور زريقة تصلي في الجامع قرب مقر سكنها عندما سمعت ببرنامج 'مسارات واعدة' من خلال إعلان عن المبادرة نشرته مؤسسة 'سبارك أوف هوب' (شعلة أمل)، وهي منظمة كندية غير حكومية تسعى لتوفير التعليم للفتيات في منطقة الشرق الأوسط، ومنظمة شريكة للجامعة الآسيوية للمرأة.
كانت زريقة قد أكملت تعليمها الثانوي في قريتها الصغيرة قرب مدينة حمص، وكانت تحلم بدراسة الصيدلة في إحدى الجامعات المحلية، لكن الضغوط الاجتماعية فرضت عليها متابعة دورة في الهندسة الغذائية عوضاً عن برنامج الصيدلة.
ومع تصاعد حدة الصراع المسلح في منطقتها الذي جعل حضورها وزملائها للمحاضرات أمراً شبه مستحيل، سارعت زريقة إلى تقديم طلبها للجامعة الآسيوية للمرأة فور سماعها بها. وفي عام 2017 تم قبولها في برنامج 'مسارات واعدة'.
في البداية، عانت زريقة من ضعف إلمامها باللغة الإنجليزية، فضلاً عن صعوبة التكيف بعد انتقالها من كنف عائلتها في سوريا إلى العيش وحدها في بنغلاديش.
وتتذكر زريقة تلك المرحلة، قائلة: "واجهت العديد من التحديات خلال الستة أشهر الأولى بعد انتقالي إلى بنغلاديش. فبعد أن اختبرت العيش في ظل أزمة حرب في سوريا على مدى ستة أو سبعة أعوام، كان من الصعب عليّ أن أنتقل إلى بلد جديد وأن أشعر حقاً أنني في أمان".
وتضيف قائلة: "كنت أجفل إذا سمعت صوت باب يغلق بقوة فأختبئ تحت السرير. وإذا سمعت صوت طائرة أو مروحية أركض إلى غرفتي لأحتمي فيها. وعندما كنت أذهب خارجاً مع زميلاتي، كنت أخشى أن يخطفني سائقو عربات الريكشا – لأنهم بلحاهم الكثيفة كانوا يذكرونني بمقاتلي تنظيم داعش في سوريا".
"كانت صديقاتي من الجامعة يمسكن بيدي ويطمئننّي قائلات، 'لا تخافي. أنت لست في سوريا'. وبعد انقضاء البضعة أشهر الأولى على وجودي في بنغلاديش، تحسنت لغتي الإنجليزية كثيراً، ولم أعد أخشى من أخطائي اللغوية، كما أصبح لدي العديد من الصديقات الجديدات".
وبعد مرور ثلاث سنوات على التحاقها بالجامعة ضمن منحة دراسية من مؤسسة 'سبارك أوف هوب'، أكملت زريقة بنجاح برنامج 'مسارات واعدة' ودورة التقوية من خلال أكاديمية Access Academy، وهي الآن تتابع دراستها في السنة الأولى من برنامج بكالوريوس في الصحة العامة. وتأمل زريقة باكتساب خبرة عمل لبضعة سنوات بعد تخرجها ثم الالتحاق ببرنامج ماجستير في الصيدلة.
وعن تجربتها تقول: "لم يكن باستطاعتي أن أحقق أي شيء مما أنجزته هنا لو بقيت في بلدي".