التعاون، لا المنافسة
يرى الزوجان أن تعاونهما الوثيق مع الجهات الحكومية والمنظمات غير الحكومية كان عاملاً رئيسياً في نجاح تدخلات المؤسسة التعليمية والمجتمعية. وعن ذلك تقول شابانا: "العمل ضمن شراكات يزيد من التأثير الذي يمكن أن نحدثه. وهذا يعني أن بإمكاننا فعل المزيد والوصول إلى عدد أكبر من الأشخاص".
كما يفضل الزوجان اتباع نهج الجذب وليس الدفع، إذ يتم بحث المشاريع بدقة للتأكد من أن الحلول التي يتم وضعها تلبي حقاً احتياجات المستفيدين، وأنها لا تفرض عليهم، وأن جميع البرامج تخضع للتقييم والمراجعة من طرف خارجي.
ويؤكد فيصل على أنه "لا بد من أن يكون هناك هدف وراء جميع الأعمال الخيرية والاستثمارات الاجتماعية". ويضيف قائلاً: "لا بد أن يكون لديك بيانات كمية ونوعية للتأكد من أن كل فلس تقدمه سيترك الأثر المطلوب. وعندما تدرك أنك تحقق الأهداف، فإن ذلك يصبح جزءاً من الحافز. خذ المدارس على سبيل المثال، قمنا بترميم مدرسة واحدة فقط في عام 2013، واليوم وصل العدد إلى مئات المدارس".
كانت هذه الرغبة في ترك أثر كبير أيضاً وراء تمويل مركز للأبحاث والتطوير يركز على تقنيات البناء على شكل وحدات نمطية خارج الموقع ضمن برامج الهندسة المدنية والمعمارية في معهد مانيبال للتكنولوجيا في ولاية كارناتاكا الهندية.
تم افتتاح المركز، الذي تبلغ مساحته إلى 60,000 قدم مربع وتفوق تكلفته المليون دولار، في أوائل عام 2020 بهدف تدريب الكادر التعليمي في كليتي الهندسة المعمارية والهندسة المدنية في الجامعة على تطبيق حلول المباني التي يتم تجميعها في موقع خارجي. ويتمثل هدف هذه المبادرة في توسيع استخدام المباني المسبقة الصنع كاستجابة سريعة ومنخفضة التكلفة لاحتياجات الإسكان والبنى التحتية الأخرى.
"تتعلق المسألة بأكملها بسلسلة القيمة. إذ نقوم بتدريب الأساتذة الذين يدربون بدورهم طلبة الدراسات العليا، ثم يقوم هؤلاء بتدريب طلاب المرحلة الجامعية الأولى، وبهذه الطريقة نحن نعمل على نقل المعرفة. ما نريد أن نفعله بعد ذلك هو التواصل مع الراغبين عبر الإنترنت لتوصيل المعرفة إليهم مجاناً بالإضافة إلى استقبال أشخاص من دول أخرى للتعلم هناك".
ويضيف فيصل بقوله أن هذا النوع من التدريب قد يكون مفيداً بشكل خاص للمهندسين في سوريا والعراق، وغيرهما من الدول المنكوبة أو التي مزقتها الحروب والتي تحتاج إلى القيام بجهود إعادة البناء بسرعة وبتكلفة مجدية.
فعلى سبيل المثال، قامت مؤسسة فيصل وشابانا في أعقاب الفيضانات التي ضربت ولاية كيرالا عام 2018، ببناء أكثر من 100 منزل جديد للأسر المتضررة. وعن تلك المساعدات يقول فيصل: "كنا أول من يصل إلى الميدان وقد تمكنّا من بناء منزل في أقل من 12 ساعة واستطاع الناس الانتقال إليه في اليوم ذاته. في البداية قدمنا التمويل لكن في نهاية المطاف كان الأمر يتعلق بنقل التكنولوجيا للحكومة لتكون قادرة على القيام بذلك بنفسها".
وعن مركز الأبحاث والتطوير في مانيبال، يقول فيصل: "نحن لا نعطي المال فقط وإنما نقدم المال والمعرفة. فقيمة هذه المعرفة ستكون أكبر بكثير من الاستثمار النقدي الذي قدمناه في البداية".
وفي الوقت الذي يستثمر رواد العطاء مبالغ طائلة في المشاريع الخيرية، يفضل الزوجان أن يجمع عطاؤهما بين التبرعات الأقل قيمة لكن المرفقة بنقل المعرفة والتي تتم ضمن شراكات.
كما يرى فيصل أن "القيام بالعمل الخيري لمرة واحدة له محدوديته"، موضحاً أن ذلك "لا يعني أنه لا يجب على الناس القيام به على هذا النحو. لكن بالنسبة لنا، نحن نريد استحداث نماذج يمكن توسيعها وضمان استمراريتها من خلال تخطي التحديات القائمة. وهذا يتعلق بتحفيز الحكومة وتثقيفها من أجل دفعها لبذل الجهود المطلوبة وليس فقط تنفيذ المشاريع بالنيابة عنها".
وعلى الرغم من أن مؤسسة فيصل وشابانا الخيرية يديرها جوزيف سيباستيان بصفة مدير عام، إلا أن الزوجين هما أيضاً مديران مشاركان ويتابعان بشكل حثيث إدارة عملياتها اليومية. بالإضافة إلى ذلك، انضمت ابنتهما الكبرى صوفيا، البالغة من العمر 26 عاماً، للعمل معهما وقد ساهمت مؤخراً في تقييم أثر مشروع كريشناجيري للتنمية.
أما رسالة شابانا لمن يسعون إلى الانخراط في العمل الخيري فهي النظر بإمعان أولاً إلى القيم المشتركة للعائلة وتحديد القضايا الأكثر أهمية بالنسبة لها: "يجب أن تقوم بعمل قريب إلى قلبك، في مجال تهتم به حقاً".
أما الاهتمام الأول لدى فيصل فيبقى منصباً على التصدي لأوجه عدم المساواة في مجال التعليم، فيقول: "ما يغمرني بالسعادة، أكثر من جميع الشركات التي أديرها والعائدات بمليارات الدولارات التي أحققها، هو سماع أحد الأطفال الذين يرتادون مدارسنا يتحدث بثقة عن تطلعاته للمستقبل".
وينهي بالقول: "أذكر تماماً ما قالته لي إحدى الفتيات بإنها تطمح في أن تصبح عالمة أحياء، وعندما سألتها عن مهنة والدها قالت لي أنه حمّال. سماعها تقول ذلك جعلني أقول في نفسي: يا للروعة: من الممكن حقاً إحداث فرق في حياة الآخرين". — PA