لن تكون منطقة "القوز" الصناعية المكان الأول الذي قد يخطر على البال عند البحث عن ألمع مجمعات الفنون وأكثرها جرأة في دبي. لكن وسط ورش تصليح السيارات، والمصانع، والمستودعات، ستجد بالفعل هذا المجمع. فبعد مرور عقد من الزمن على إطلاق السركال أفنيو، أصبح هذا المجمع عصباً حضرياً للمشهد الفني في دبي، بفضل ما يضمه من مجموعة صالات العرض والاستوديوهات وورش العمل والمشاريع الفنية المؤقتة وغيرها، وكلها أقيمت داخل مجموعة من المستودعات التي تم تعديلها لخدمة الأغراض الفنية.
وكما يقول مؤسسه، عبد المنعم بن عيسى السركال، حقق هذا المجمع قفزة كبيرة من النجاح بعد أن ظل مجهولاً لمدة طويلة، إذ كانت سيارات الأجرة في المدينة تكافح للعثور عليه. ويضيف مبتسماً: "على الأقل يستطيع الآن الناس الوصول إليه".
في الواقع، شهد "السركال أفنيو" نمواً عضوياً بطيئاً، على نقيض التجمعات الاقتصادية التي قامت خلال الفترة الذهبية لنمو وازدهار دبي، والتي اكتملت ونضجت بعد فترة قصيرة على إنشائها وذلك وفق معادلة ناجحة واحدة. فقد نما هذا المجمع تدريجياً ليصبح بالنهاية مركزاً حافلاً بنشاطات المبدعين في المدينة.
تملك عائلة السركال وتدير المرافق والمستودعات في هذه المنطقة، وقد بدأ المجمع يتأسس في العام 2007 عندما بدأ عبد المنعم في تأجير بعضها لصالات عرض وغيرها من المؤسسات الثقافية الناشئة. كان الغرض من ذلك "توفير مساحة للفنانين المحليين وأنواع الفنون التي لا تدعمها عادة المعارض الثقافية التجارية"، لتكون ما يشبه الطفرة عن المألوف وعن المشهد الفني القائم الذي يعتمد كثيراً على ما يمليه السوق. ويضيف: "أردنا أن نوفر منبراً عالمياً للفنون من المنطقة ولخدمة المنطقة".
وهذا بالتحديد ما يميز مجمع السركال عن غيره، فاهتمامه ينصب على رعاية وتنظيم الفنون أكثر من الجانب التجاري. وقد نجح المجمع بمهامه على أكثر من صعيد؛ إذ تجد هنا معارض محلية مغمورة مثل "الخط الثالث" جنباً إلى جنب معارض عالمية من الوزن الثقيل مثل "وادنجتون كاستوت"، ومعارض ناشئة مثل "ذا جام جار"، وهو استوديو لرسم اللوحات بأسلوب "اصنع كل شيء بنفسك". وبفضل نظام التأجير المدعوم أو المخفض، يعد هذا المجمع أحد المواقع القليلة في دبي التي يمكن فيها للفنانين المبتدئين والمنظمات غير الربحية الحصول على موضع قدم لإبراز أعمالها.
يوضح عبد المنعم بقوله: "دائماً ما أؤكد بأننا نود أن نتحمل المخاطر مع المخاطرين والمغامرين. وأنا اندفع وراء الذين لديهم الحماسة بما يفعلونه. وأعتقد أن المدينة بحاجة إلى مثل هذا المشهد، وهذا المجتمع".