في صيف عام 2013، استأجرت ريجينا كاترامبوني يختاً للذهاب في رحلة بحرية إلى ساحل تونس برفقة زوجها كريستوفر وابنتهما ماريا لويزا. وبعد فترة وجيزة من إبحار اليخت من ميناء لامبيدوزا، وهي جزيرة صغيرة تقع قبالة ساحل صقلية وتمتاز بمناظرها الطبيعية الخلابة، لمحت سيدة الأعمال الإيطالية شيئاً يطفو برفق على سطح الماء. كان ذلك الشيء سترة شتوية، بدا منظرها غريباً في فصل الصيف لا سيما في ذلك اليوم المشمس الدافئ، الأمر الذي دفع ريجينا إلى سؤال القبطان عنها. فأجابها بأنها تعود على الأرجح لواحد من آلاف المهاجرين الذين يحاولون العبور إلى إيطاليا انطلاقاً من ليبيا مستخدمين قوارب نفخ ضعيفة، أو زوارق صيد متهالكة ومكتظة بالمهاجرين. لقد كانت تلك ببساطة سترة أحد اللاجئين الذين غرقوا خلال هذه الرحلة الخطرة.
وعن تلك الحادثة تقول ريجينا: "كانت رؤية تلك السترة بالنسبة لنا دليلاً ملموساً على مأساة هؤلاء الناس الذين يفقدون حياتهم بهذا الشكل قبيل وصولهم إلى شواطئ أوروبا، وفي نفس المياه التي كنا نبحر فيها. أدركنا حينها أننا كنا نبحر فوق أحد القبور".
وفي وقت لاحق من ذلك العام، أثار الانتقاد الشديد الذي وجهه البابا فرانسيس في أول زيارة له خارج الفاتيكان بحق ظاهرة "عولمة اللامبالاة" اهتمام عائلة كاترامبوني. ثم جاءت حادثة غرق أكثر من 300 لاجئ من القرن الأفريقي في شهر أكتوبر - عندما اشتعلت النيران في قاربهم وغرقوا بالقرب من لامبيدوزا - ما دفع بعائلة كاترامبوني لاتخاذ قرار يحسم موقفهم من هذه المسألة.
في أواخر أغسطس 2014 كانت "محطة المساعدة البحرية للمهاجرين" المعروفة اختصاراً باسم "مواس" قد أكملت مهمتها الأولى التي استمرت فترة 90 يوماً بتمويل من عائلة كاترامبوني، التي تدير مجموعة شركات طنجة المتعددة الجنسيات لخدمات التأمين في مناطق النزاع. ساهمت "مواس" خلالها في إنقاذ 3,104 مهاجرين بواسطة قاربها "فينيكس"، وهو في الأصل سفينة صيد بطول 40 متراً تم تزويدها بطائرات دون طيار، ومهبط للطائرات المروحية، وعيادة طبية، وزوارق دعم سريعة وأخرى مطاطية.
تعد "مواس" أول منظمة غير حكومية تختص في ميدان البحث والإنقاذ في البحر الأبيض المتوسط. وهي تحتفل اليوم بعيد ميلادها الثالث وفي سجل إنجازاتها إنقاذ أكثر من 40 ألف طفل وامرأة ورجل تتراوح أعمارهم بين يومين و92 عاماً. يدفع هذا العمل الإنساني شعار بسيط رفعته المنظمة، وهو: لا أحد يستحق الموت في البحر.
وتقول ريجينا: "لن يستطيع أحد إيقاف الهجرة. لا أحد يمكنه ذلك. سيبقى الناس يحاولون عبور البحر، لكن ما يمكننا القيام به هو مساعدتهم. هذه مسؤوليتنا تجاههم".