تشكل أمراض المناطق المدارية المهملة مجموعة من 21 حالة موهنة تؤثر بشكل غير متناسب على السكان الأكثر فقراً وضعفاً في العالم والذين يعيشون في أكثر المناطق صعوبة في الوصول إليها.
وهذه الأمراض مثل داء الفيلاريات اللمفاوية وداء دودة غينيا والجذام وداء كلابية الذنب (العمى النهري) تتسبب في إصابة الملايين بالعمى والتشوه والإعاقة سنوياً، مما يبقي الأطفال خارج المدارس والآباء والأمهات عاطلين عن العمل ويكبد الدول خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات بسبب انخفاض الإنتاجية.
ولعقود من الزمن، تم تجاهل العديد من أمراض المناطق المدارية المهملة والـ 1.6 مليار شخص الذين تؤثر على حياتهم. ويعزى ذلك جزئياً إلى الافتقار إلى الحوافز للبحث في تطوير أدوات ووسائل تشخيص وعلاجات جديدة بسبب عدم كفاية التمويل والاهتمام العالمي المحدود بالقضاء على هذه الأمراض.
ويستمر هذه الافتقار للاهتمام والتمويل على الرغم من سهولة الوقاية من هذه الأمراض وعلاجها مقارنة بأمراض أخرى مثل أمراض القلب.
لكن لحسن الحظ، لفتت الأحداث الأخيرة انتباه العالم، والممولين أيضاً، إلى التداعيات الصحية والاجتماعية والاقتصادية الوخيمة الناجمة عن أمراض المناطق المدارية المهملة والخسائر البشرية التي تسببها والتي تصل إلى 170,000 حالة وفاة يمكن الوقاية منها سنوياً.
يصادف يوم الـ 30 من يناير اليوم العالمي الرابع لأمراض المناطق المدارية المهملة، وهي مبادرة تقودها مؤسسة ’بلوغ الميل الأخير‘Reaching the Last Mile ، المسعي الخيري غي مجال الصحة العالمية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومنذ إطلاقه في عام 2019، تضافرت جهود العديد من الشركاء للاحتفال باليوم العالمي للأمراض المدارية المهملة والمطالبة باتخاذ إجراءات من أجل التغلب على الأمراض المدارية المهملة تحت وسم #BeatNTDs.
ويعد اليوم العالمي للأمراض المدارية المهملة فرصة لرفع مستوى الوعي بشأن التحديات التي يواجهها المتأثرون من هذه الأمراض المرتبطة بالفقر والعقبات التي تحول دون القضاء عليها.
كما يمثل هذا اليوم لحظة تأمل في النجاحات التي تحققت في الآونة الأخيرة، حيث تمكنت خمسون دولة في جميع أنحاء العالم من القضاء على مرض واحد على الأقل من أمراض المناطق المهملة، فضلاً عن انخفاض عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى تدخلات بمقدار 600 مليون شخص مقارنة بعام 2010.
من جهة أخرى، قدمت صناعة الأدوية تبرعات سخية بلغت أكثر من 15 مليار علاج بين عامي 2012 و2022. وفي العام الماضي وحده، قضت بنغلاديش على داء الفيلاريات اللمفاوية في حين قضت غانا على مرض النوم (داء المثقبيات الأفريقي البشري).
ولعل الأمر الأبرز أن داء دودة غينيا (داء التنينات)، الذي أصاب أكثر من 3.5 مليون شخص منذ أن بدء الاحتفاظ بسجلات في ثمانينيات القرن الماضي، بات على وشك أن يصبح ثاني مرض بشري بعد الجدري يتم القضاء عليه، مع وجود 13 حالة فقط بحسب أحدث الإحصائيات.
ولطالما ظلت دولة الإمارات العربية المتحدة في طليعة جهود مكافحة أمراض المناطق المدارية المهملة. فقد كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أول رئيس للبلاد، من أوائل المؤيدين لبرنامج دودة غينيا الذي أطلقه الرئيس جيمي كارتر بعد مغادرته البيت الأبيض عقب انتهاء ولايته.
وواصل نجله الشيخ محمد بن زايد، الرئيس الحالي لدولة الإمارات العربية المتحدة، هذا الإرث من خلال دعمه لمبادرة ’بلوغ الميل الأخير‘ والمعهد العالمي للقضاء على الأمراض المعدية (غلايد) الذي أقوده من مقره في أبوظبي.