في صيف عام 2012، كان هاني جسري، مثله مثل الآلاف غيره من السوريين الذين عاشوا تلك الفترة الدموية، يتملكه القلق وهو يبحث عن طريقة للخروج من العاصمة دمشق ومغادرة سوريا كلياً. يعود جسري بذاكرته إلى تلك الأيام، قائلاً: "في فترة قصيرة تغير كل شيء أمامي إلى الأبد؛ سواء كانت أحلامي أو خططي للمستقبل. كان أمر مدمراً نفسياً".
كان جسري، وهو شاب ولد ونشأ في مدينة حلب وتخرج من كلية علوم الاقتصاد، يتوقع أن يبني مستقبلاً في سوريا من خلال العمل مع إحدى المنظمات غير الحكومية العاملة في تحسين حياة الأطفال والشباب. لكن بعد أن انحجب التمويل البسيط الذي كانت تتلقاه مشاريع التنمية الطويلة الأجل وتم تحويله إلى جهود الإغاثة العاجلة، لم يبق لجسري إلا محاولة الهروب من دائرة العنف والاقتتال.
أتى بريق الأمل عن طريق موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، عندما أعلنت منظمة غير ربحية صغيرة تدعى "جسور" عن توفيرها فرص عمل تدريبية لمدة تسعة أشهر غير مدفوعة. قدم جسري الطلب وتم قبوله، وكان ذلك بداية رحلة أخذته إلى لبنان ومنها إلى المملكة المتحدة. واليوم، وبعد انقضاء خمس سنوات على ذلك الصيف يعيش جسري، وهو في التاسعة والعشرين من العمر، في لندن. وهو يقول أن الفضل بما وصل إليه يعود إلى منظمة جسور التي فتحت له عالماً من الفرص.
ويضيف: "بالنسبة لشخص مثلي في سوريا في وقت كانت فيه إمكانية الوصول إلى الفرص محدودة جداً، منحتني "جسور" فرصة ثانية. كما أنها أعادت لي الأمل في بلدي ومستقبله".
وُلدت فكرة "جسور" لدى مجموعة صغيرة من المغتربين السوريين، وهي تهدف إلى تقديم برامج في التعليم والتدريب المهني في مختلف أنحاء العالم. وخلال الست سنوات الماضية منذ إطلاقها، استطاعت المنظمة أن تقنع السوريين في دول الشتات بالتبرع لدعم شباب سوريا بما وصلت قيمته إلى 5.6 مليون دولار.
والشأن الذي لا يقل أهمية هو أن المنظمة تمكنت من حشد خبرات السوريين في الشتات للمساعدة، وأصبحت شبكة علاقاتها تضم اليوم أكثر من 100,000 شخص في نحو 50 بلداً.