تأسست مؤسسة ’هاشو‘ الخيرية عام 1988 على يد والد مرتضى، صدر الدين هشواني، بهدف جمع العطاء والأعمال الخيرية للأسرة تحت مظلة واحدة. وبتمويل من العائلة ومجموعة ’هاشو‘ المملوكة للقطاع الخاص، توسعت المؤسسة منذ ذلك الحين لتصبح كياناً وطنياً يضم 18 مكتباً منتشراً في مختلف أنحاء باكستان وعلامةً فارقةً في مجال التعليم والنمو الاقتصادي الشامل - ومؤخراً - في العمل المتعلق بالمناخ. وتشير بيانات المؤسسة إلى أنها قد نجحت في الوصول إلى أكثر من 1.3 مليون مستفيد في جميع أنحاء باكستان حتى الآن، مع تركيز خاص على النساء والأطفال.
ويقول هشواني أن ما بدأ كإحسان في بادئ الأمر أصبح الآن تحفيزاً على العمل الخيري المستدام الذي يتم تقديمه من خلال مشاريع تمتد من التدريب على المهارات والتعلُّم في السنوات المبكرة إلى الزراعة وريادة الأعمال وتعبئة المجتمع للتصدي لتغير المناخ.
ويوضح هشواني بالقول: "ما أسميه تقليد العطاء كان ولا يزال جزءاً لا يتجزأ من إرث عائلتنا منذ أجيال عدة، لكنه لم يتعد كونه إحساناً أو توزيعاً للصدقات. غير أن العطاء المباشر بات يشكّل جزءاً صغيراً جداً فقط مما نقوم به اليوم. ولذلك يمكنني وصف مؤسستنا بأنها مؤسسة إنمائية. يبقى ذلك تقديماً للمساعدة ولكن بطريقة مستدامة".
وقد تجاوزت روح العطاء هذه حدود المؤسسة الخيرية لتتغلغل في الأعمال التجارية للعائلة. فهشواني يرى أن كليهما يعد أداة من أدوات التأثير الإيجابي، إذ أنهما قادرتين على خدمة المستفيدين والمستهلكين والمجتمع ككل. على ضوء ذلك، أنشأ هشواني نهجاً هجيناً إلى حد ما يتم من خلاله في أغلب الأحيان تنفيذ مشاريع المؤسسة الخيرية بالتوازي مع مشاريع مجموعة ’هاشو‘، بمساعدة الفكر التجاري الذي تتمتع به المجموعة وقدرتها على الوصول إلى الأسواق.
على سبيل المثال، وجدت المؤسسة فرصة لتدريب المتقدمين من ذوي الدخل المنخفض على المهارات الضرورية لشغل وظائف في قطاعي السياحة والضيافة في باكستان اللذين - على الرغم من نموهما السريع - يفتقران إلى ما يكفي من الموظفين. وبينما كانت المؤسسة تدير البرنامج، تلقى المشاركون تدريباً أثناء العمل من خلال التنسيب في الفنادق وشركات السفر والمطاعم التابعة لمجموعة ’هاشو‘. وتولى الكثيرون منهم بعد تخرجهم وظائف في فروع الشركة، أو حصلوا على الدعم من شبكة علاقاتها من أجل العثور على وظائف مع العلامات التجارية الأخرى في الصناعة.
ويقول هشواني: "تعد المؤسسة العامل المحفز، لكنها جزء من نظام كامل، حيث يمكن للمؤسسة الاستفادة من المجموعة، أو للمجموعة التعلُّم من المؤسسة".
من جانبها، تستفيد المجموعة من المؤسسة الخيرية كوسيلة رئيسية للقيام بجهود المسؤولية الاجتماعية للشركات، كما تعتمد عليها للحصول على المشورة بشأن أفضل السُبل لتقليص أثرها البيئي. (مؤسسة ’هاشو‘ هي عضو في شبكة العمل لجنوب آسيا في مجال المناخ، وهو تحالف يضم أكثر من 250 منظمة مجتمع مدني في ثماني دول في جنوب آسيا تعمل على التصدي للتهديد الذي يشكله تغير المناخ). وقد تعهدت الشركة مؤخراً بأن تمتنع كلياً عن استخدام البلاستيك في فنادقها. وكشركة تحمل امتياز مجموعة ماريوت إنترناشونال، فإنها تدعم كذلك طموح السلسلة في الوصول بصافي الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050.
وعن ذلك يقول هشواني: "نحن ملتزمون [بالمساهمة في التصدي لتغير المناخ]. ولذلك نلجأ إلى المؤسسة لمساعدتنا على فهم ما يجب علينا القيام به بالتحديد والخطوات التي لا بد من اتخاذها ... في كل صباح أقول لفريقي أنه كلما زادت الأموال التي تجنيها، زادت قدرتك على رد الجميل. هذا ما نركّز عليه بالتحديد".
وتظهر هذه الديناميكية المزدوجة أيضاً في التركيز المتزايد لمؤسسة ’هاشو‘ على المشاريع الاجتماعية، وهو نموذج تلتقي فيه الأعمال مع العطاء والعمل الخيري. فإلى جانب الحاضنة التي تساعد روّاد الأعمال الطموحين على ترجمة أفكارهم إلى أفعال، قامت المنظمة غير الربحية ببدء وتطوير مشاريع اجتماعية لدعم المجتمعات ذات الدخل المنخفض.
’أورغانيكس بلاس‘ Organiks Plus هي إحدى هذه الشركات الناشئة والمنبثقة عن خط إنتاج العسل التابع للمؤسسة. فقد توسعت المؤسسة، مدفوعة بالنجاحات التي حققتها، لإنتاج الصابون والمنسوجات والشاي والشموع المصنوعة يدوياً، وجميعها منتجات صنعت من قبل المزارعات والحرفيات الفقيرات في المناطق الريفية في باكستان باستخدام اللافندر والحنطة السوداء والمحاصيل الأخرى المزروعة محلياً.
ويتم تنسيق مجموعة المنتجات وتسويقها وبيعها تحت اسم العلامة التجارية ’أورغانيكس‘، ما يمكّن النساء من المشاركة في سلسلة القيمة وكسب الدخل وترسيخ الاستقلال.
ويوضح هشواني قائلاً: "لا نسعى فقط أن تترك الأعمال التجارية تأثيراً اجتماعياً، بل نبحث عن المشكلات الاجتماعية التي تنطوي على إمكانية تأسيس عمل تجاري". ويشير هشواني إلى وادي هونزا، المنطقة الجبلية الواقعة شمال باكستان التي تشتهر ببساتين المشمش البري. يقوم المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة بحصاد هذه الفاكهة وبيعها في الأسواق المحلية بعائدات زهيدة. وعلى الرغم من نضوج الفاكهة بما يناسب التصدير، إلا أن افتقار المزارعين إلى وسائل التخزين البارد وانعدام إمكانية الوصول إلى هذه الأسواق يعني أن جزءاً بسيطاً فقط من هذه الفاكهة القابلة للتلف بسرعة يُباع سنوياً خارج البلاد حيث يمكنها تحقيق هوامش أعلى من الربح.
ويعلّق هشواني قائلاً: "إنها فرصة ... فإذا كان بوسعنا التدخل من أجل إكمال سلسلة التوريد، فسوف يتمكن المزارعون من التصدير، وهو ما يعني تحقيق النمو والدخل المستدام للمجتمع. هذه هي الثغرات التي نرغب بالعثور عليها [والتصدي لها] كمؤسسة خيرية".