في مخيمات اللاجئين، القصص هي كلُّ شيء. فكل شخص هناك لديه قصة تروي تفاصيل هروبه للتو من قبضة كابوس. والجميع أيضاً في حالة من السكون، من دون إذن للعمل أو إمكانية للهرب، يحاولون التعامل مع مكان جديد في العالم. كما أن الجميع غرباء وبحاجة إلى من يُعرّفهم على المكان. الشاي رخيص الثمن. وهل هناك أفضل من هذه الظروف لإعداد إبريق من الشاي والجلوس على وسائد حول طاولة منخفضة الارتفاع والاسترسال في الحديث؟
على مدى عقدين من الزمن، كان هروبنا يحدد معالمي. فقد سيطر على شخصيتي وفرض نفسه على كل قرار من قراراتي. ومع دخولي المرحلة الجامعية، كانت نصف الأحداث في حياتي قد أدت إلى هروبنا، أما النصف الآخر فقد أمضيتها وأنا أعيش تلك الأحداث، في الكنائس والملاجئ، حيث جعلتها والدتي رحلة مبجلة، في طلبات التقدم للكليات عندما كانت تأخذ شكل التماس، وخلال دعوات المبيت خارج المنزل التي كانت تشكل فيها نوعاً من الترفيه، وفي مجموعات المناقشة.
لقد كانت قصتنا خيطاً مقدساً منسوجاً في رداء هويتي. كان الناس يسألونني أحياناً، ألا يعيش الكثير من المسيحيين هناك؟ أو ألا تستطيع والدتك أن تقول فقط أنها مسلمة؟
لقد كنت استغرق الكثير من الوقت لتخطي مثل هذه الأنواع من الأسئلة. فقد كانت تُشعرني كما لو أنني قد حصلت على درجة سيئة، أو كما لو أنها انتقاد لملامح وجهي وجسدي، أو تفكيكٌ لذلك الخيط المقدس: فأنا بضاعة قد تم إنقاذها ولذلك أشعر بالسعادة ولدي هدف في هذه الحياة. ومع كل عمل جيد أقوم به، فإنني أرد الجميل لهذا الكون. وإذا لم أكن كذلك، فسأكون شخصاً مجهولاً، شخصاً عادياً يكدح ويتعب من أجل ماذا؟ من أجل الأمور التافهة عديمة الروح التي تسعى وراءها الطبقة المتوسطة؟
أذكر جيداً المرة الأولى التي قمت فيها برواية قصتي في مكتب للجوء في إيطاليا: كم كان ذلك قاسياً. فمع العرق وغبار رحلة الهروب اللذين كانا لا يزالان عالقين على حواجبنا، كان علينا تحويل محنتنا إلى قصة جيدة ومقنعة أو المخاطرة بأن نعود من حيث جئنا. وبعد أن نجحنا في تأمين اللجوء، كان علينا أن نعيش تلك القصة مراراً وتكراراً، من أجل استحقاق مكانتنا وطمأنة المتشككين. في كل يوم من حياتها الجديدة، يُطلب من اللاجئة أن تميّز نفسها عن تلك الانتهازية، المهاجرة لأسباب اقتصادية.