الخيوط المشتركة

كوليكتف كونتينيوم هو صندوق استثماري خيري للمشاريع يبتكر نماذج جديدة للشركات الناشئة ذات الأثر الاجتماعي.

ما الذي تحصل عليه عندما تجمع مجموعة عالمية من المؤسسين الذين حققوا نجاحات متعددة، وقادة التصميم، ورواد الأعمال الاجتماعيين، وخبراء العمل الخيري الإسلامي، ومصممي المنتجات في الشركات التقنية الكبرى، وشاعر «سلام» سابق قد تحول إلى بطل للتراث الثقافي؟

الإجابة هي: كوليكتف كونتينيوم، وهي تشكيلة جديدة في مجال الاستثمار الخيري تهدف إلى زعزعة مسرح المؤسسين المسلمين، وإلى دعم الشركات الناشئة ذات الأثر الاجتماعي لنقل أفكارهم إلى نطاق واسع. وبوصفها لنفسها على أنها "طيار مساعد لأشجع المهندسين في العالم"، فإن كوليكتف كونتينيوم تقول بإنها تريد تغيير العالم عبر كل "مشروع ذو أثر تلو الآخر".

ويقول عظيم كيدواي، أحد المؤسسين المشاركين وعضو مجلس الإدارة لمنصة «زمن العطاء» أن "هناك الكثير في هذا العالم الذي يشعل الانقسامات في الوقت الحالي". وبالرغم من ذلك يضيف الرئيس التنفيذي لمنظمة «ميرسي ميشن» والمستقر في المملكة المتحدة – وهي أكبر صندوق في العالم للتبرعات الإسلامية والموجهة استشارياً: "إننا نحاول التركيز على إنشاء شيء يجمعنا سوياً ويتصدى للسلبية".

كما يقول إن "الابتكار لا يكترث بدين الشخص. وإن الناس لا يهتمون بهوية الفرد الذي يحل الإشكالية، وإنهم فقط يريدون الاستمتاع بالحل. إذ لا يهتم شخص بأن أحد مؤسسي يوتيوب – وهو جاويد كريم – كان مسلماً. ولذا، دعونا نركز فقط على حل الإشكاليات وإحداث الفرق سوياً."

وقد تم إطلاق كوليكتف كونتينيوم في عام 2022، وهو مشروع يتم إدارته من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، ويتطلع إلى "إحداث تغيير إيجابي دائم" من خلال دعم 1,000 مشروع عالمي "من شأنهم أن يعودا بالنفع على البشرية" بحلول نهاية العقد.

"من الصعب أن تبدأ أي شيء – ولكنه من الأصعب بكثير فعل ذلك بدون بطل له."

مارك جونزاليس، الرئيس التنفيذي لشركة كوليكتف كونتينيوم

ومن خلال توفير مزيج من التمويل، وشبكات التواصل، ودعم تصميمي لكل من الشركات الناشئة والمؤسسات الاجتماعية والمنظمات غير الربحية، فإن كوليكتف كونتينيوم المسجلة في المملكة المتحدة تسعي إلى تجاوز مجرد تقديم المنح البسيطة والاستثمار المؤثر وإلى خلق بيئة تمكينية لمساعدة المنظمات على تحقيق أثر أكبر في نطاق أوسع.

ويقول الرئيس التنفيذي مارك جونزاليس، الذي يتخذ من أوكلاند في كاليفورنيا مقراً له: "لقد أمضينا السنوات القليلة الماضية في الاستثمار والتعلم واختبار النماذج في أجزاء مختلفة من العالم، والآن قد حان وقت التسريع. وإننا نتطلع إلى بناء بنية تحتية لتمكين المؤسسيين المسلمين من الازدهار."

ويضيف بأنه "من الصعب أن تبدأ أي شيء – ولكنه من الأصعب بكثير فعل ذلك بدون بطل له". ويسهب بأن "ما نحاول القيام به في كوليكتف كونتينيوم هو إرسال إشارة إلى كل من مجال التمويل – سواء أكان خيري أو ربحي أو مكتب عائلي – وكذلك إلى المجال نفسه – أي الممولين – بأن هناك موارد متاحة وأنه يمكننا أن نكون مبدعين ومبتكرين حول كيفية توفير هذه الموارد أيضاً."

image title
فريق The Collective Continuum في صورة لعام 2024. مرِّر لأسفل لمعرفة المزيد عن المؤسسين وأعضاء مجلس الإدارة.

وإحدى المبادرات الرئيسية لشركة كوليكتف كونتينيوم هي مسابقتها السنوية للشركات الناشئة – «سبارك». وتدعو جائزة سبارك كونتينيوم، التي أقيمت لأول مرة في عام 2023، كل الشركات الناشئة ذات الأثر الاجتماعي ما حول العالم للتنافس على التمويل والدعم التصميمي وفرص شبكات التواصل.

وقد كانوا الفائزين العالميين في العام الماضي، والذين شاركوا في جائزة بقيمة 250,000 ألف دولار أمريكي، هم: «بانداي»، وهو تطبيق من ماليزيا يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين الأداء الأكاديمي؛ و «ت. كير»، وهي منظمة إندونيسية غير ربحية تقدم حلولاً مستدامة للتخلص من زيت الطهي.

وقد كانتا «بانداي» و «ت. كير» ما بين أكثر من 750 مشاركة لحوالي 59 دولة. والجديرين بالذكر هم: ثلاث شركات فلسطينية تمكنت من الوصول إلى نصف نهائي دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ «صنبوكس»، وهي مزود للطاقة الشمسية بأسعار معقولة في غزة؛ «جلين»، وهي التي تعيد استخدام الأكياس البلاستيكية لصنع الطوب والبلاط؛ ومبادرة أمل، وهي شبكة تطوعية غير ربحية تدعم الفلسطينيين من خلال تحسين المهارات والإرشاد.

وفي عام 2023، من بين المتأهلين البارزين للتصفيات النهائية، تضمنت المشاريع أداة ترجمة إنسانية، وتطبيق جوال يقدم دعماً للصحة العقلية يتسم بمراعاة الثقافة، ومنصة استثمارية وقفية، ومكتبة موارد للمسلمين الجدد والطامحين.

ويقول جونزاليس: "إنه لأمر رائع أن نرى حدسنا قد كان صحيحاً". ويسهب مفصحاً: "لقد أظهرت لنا الاستجابة لجائزة سبارك بأن هناك أفكاراً مذهلة ومشاريعاً ومفاهيماً لتغيير العالم في جميع أنحاء العالم غير قادرة على الوصول حالياً إلى الإرشاد الرأسمالي أو الدعم لبنيتها التحتية – وهذه هي الفجوة التي نتطلع إلى سدها."

وبالإضافة إلى تمويل سبارك، فإن كوليكتف كونتينيوم تدعم أيضاً «جي إم دبليو»، وهي شبكة عالمية للفعاليات الإسلامية، والتي استضافت نهائيات سبارك في قمتها بالدوحة على مدار العامين الماضيين.

ويوضح جونزاليس قائلاً: "نحن صندوق عطاء جماعي. وهذا ما يجعلنا فريدين. ورؤيتنا هي تنمية هذه المجموعة وهذه المقدرة الجماعية.

ونريد أن نعطي بطرق جريئة ومبتكرة وأن نعطي بأصدق نية وبأعلى تميز لكي نجعل الآخرون متحمسين لطرق جديدة للعطاء والاستثمار".

سبع خطوات للنجاح

تتبع كوليكتف كونتينيوم هذه العملية عندما تستثمر في المشاريع.

  1. تحديد أصحاب الرؤى: البحث عن مؤسسين ذوي أفكار استثنائية.
  2. تصفية الأفكار: تقييم الأفكار بناءً على الأثر، والأصالة، وقابلية التوسع.
  3. الاستثمار الاستراتيجي: الاستثمار في الأفكار الأكثر تبشيراً.
  4. أستديو المهمة: التعاون مع المؤسسين لتطوير استراتيجيات إطلاق شاملة.
  5. تجميع أفضل المواهب: جمع الخبراء لتوجيه المبادرات نحو النجاح.
  6. مرحلة الإطلاق: إطلاق المشاريع لإحداث أثر ذو مغزى.
  7. التوسع والتضخيم: الدعم المستمر لتوسيع نطاق وصول المشروع وأثره.

وبحكم تعريفه، إن الاستثمار الخيري يتعلق بتجاوز مجرد التمويل، ويتعلق بالعمل أيضاً مع المستثمرين لبناء قدراتهم وشحذ تركيزهم ومنحهم إمكانية الوصول إلى الشبكات والفرص التي كان يتعذر الوصول إليها سابقاً.

وكانت الفنار، وهي منظمة استثمارية خيرية مقرها بالمملكة المتحدة ينصب تركيزها على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هي رائدة في هذا النهج الشامل، وقدمت على مدى العقد الماضي رأس المال الأولي، وهذا بالإضافة إلى الدعم الفني لما يقرب من 100 مؤسسة اجتماعية ذات أثر واسع عبر كل من لبنان والأردن ومصر وفلسطين – مما أثر على حياة ما يقرب من 400,000 شخص.

ومن بين المستثمرين البارزين في منظمة الفنار: شركة «فابريك أيد»، التي تعيد تدوير الملابس وتعيد بيعها للتخفيف على مكب النفايات ولتوفير خيارات تجزئة جديدة للمجتمعات ذات الدخل المنخفض؛ ومؤسسة «فيوتشر إيف»، التي تقدم قروضاً منخفضة التكلفة واستقلال مالي للأرامل المصريات؛ ومنظمة «نتكلم»، التي تشتغل على تمكين اللاجئين من العمل كمترجمين ومدرسي لغات عبر الإنترنت؛ وشركة «دلتا أويل»، التي تمنح الأسر ذات الدخل المنخفض فرصة لكسب المال من إعادة تدوير زيت الطهي.

وتتطلع كوليكتف كونتينيوم إلى محاكاة نجاح الفنار – ولكن على نطاق عالمي ومن منظور المؤسس المسلم. ويشير جونزاليس قائلا: إننا "نريد أن نخلق بيئة يمكن فيها الحكم على الأشخاص بناءً على أفكارهم، وليس بناءً على أسمائهم الأخيرة أو تقاليدهم".

ويقول بيتر جولد – وهو مستشار في كوليكتف كونتينيوم – إن توفير الدعم الشامل هو أساس استراتيجية كوليكتف كونتينيوم، وإن التصميم الجيد للمنتجات هو المفتاح لذلك. ويدلي بـأننا "نعيش في عالم يوجد فيه الكثير من الضجيج والعديد من المنتجات التي يتم إطلاقها كل يوم، ولذلك قد يكون من الصعب لشيء أن يتميز عن الباقيين".

كما يقول الأسترالي ذو الصوت الهادئ لمنصة «زمن العطاء»: "إننا نريد أن نقدم لرواد الأعمال دعماً تصميمي مباشراً واستراتيجياً، وهذا لمساعدتهم على فهم جمهورهم فعلياً ولتحسين منتجاتهم". ويضيف بأنه: "من السهل توفير التمويل لمساعدة المشاريع على توسيع نطاقها، ولكن يجب علينا أيضاً أن نسأل كيف يمكننا مساعدتهم على خدمة البشرية بشكل أفضل".

وبالنسبة لفريق كوليكتف كونتينيوم، إن كل هذا الإحراز إنما هو ليس سوى مجرد البداية. وإنهم يأملون على أن يساعد نهجهم في إنشاء نماذج جديدة وإيجاد طرق جديدة لتوجيه العطاء الإسلامي نحو المشاريع والابتكار، وبالتالي في أن يحقق أثراً ملموساً للجميع.

تعرف على The Collective Continuum

زيفر بيرج، المؤسس وعضو مجلس الإدارة

نشأ زيفر بيرج في كاليفورنيا حيث أسس في سن الـ 18 عاماً أول شركة له، وكانت لصنع أكشاك محوسبة لمنافذ الوجبات السريعة. وبعد عدة مخارج ناجحة لاحقاً، أصبح الآن يوجه ثروته وطاقته نحو إيجاد حلول مزعزعة للمنظمات غير الربحية، بما في ذلك كوليكتف كونتينيوم.  ووفقاً لبيرج، "تمثل كوليكتف كونتينيوم مجتمعاً من الأفراد ذوي القلوب المتشابهة والذين يركزون على الأبدية من أجل رضوان الله وحده ... ويتم ادارتها بمجموعة من الأفراد الذين اجتمعوا معاً من خلال الرفقة والمساواة لاستخدام طاقاتهم الجماعية لأجل الخير. وإنه ليس هناك شخصاً واحداً فقط ما بينهم يمثل هذه النية، بل هي حقاً من قبل الناس وإلى الناس".

عظيم كيدواي، المؤسس المشارك وعضو مجلس الإدارة

عظيم كيدواي، المؤسس لمؤسسة الزكاة الوطنية ما حول العالم، هو سلطة رائدة في المشاريع الإسلامية للتمويل الاجتماعي، ويعمل مع الحكومات والجهات الفاعلة غير الدينية على الدور الذي يستطيعون لعبه في تمكين الزكاة بداخل حقولهم الاقتصادية. ويستقر كيدواي في مدينة برادفورد بشمال إنجلترا، ويقود حالياً منظمة «ميرسي ميشن»، وهي أكبر صندوق في العالم للتبرعات الإسلامية والموجهة استشارياً، كما يعمل بالعديد من مجالس الإدارات في المنظمات الخيرية الكبرى.

مارك جونزاليس، الرئيس التنفيذي

ولد مارك جونزاليس ونشأ في بلدة ريفية صغيرة بولاية ألاسكا لأبناء المهاجرين المكسيكيين من الجيل الثاني، وهو شاعر «سلام» سابق قد اعتنق الإسلام في الثلاثينيات من عمره بعد حدوث وفاة في العائلة تركته يتساءل عن معنى الحياة. ويتمتع جونزاليس، الذي قرب عمره من بلوغ الخمسين عاماً، بمسيرة مهنية غنية ومتنوعة، ويقضي وقته مؤخراً ما بين وادي السيليكون في كاليفورنيا والشوارع القديمة في تونس، حيث يدير مع زوجته مشروعاً للتراث الثقافي يسمى «المدينة الجديدة»، وهي لإعادة تأهيل المباني القديمة والحفاظ على التقاليد الوطنية. وتحصل كتابه لعام 2017 «Yo Soy Muslim: a father's letter to his daughter» على لقب أقوى كتاب للأطفال من قبل صحيفة هافينغتون بوست لعام 2017.

محمد يسليلهارك، المؤسس المشارك وعضو مجلس الإدارة غير التنفيذي

ولد محمد يسليلهارك وتلقى تعليمه في ألمانيا لأبوين مهاجرين أتراك، وقد أخذته مسيرته المهنية في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية وإدارة صناديق التحوط إلى لندن أولاً ثم إلى دبي، حيث يشغل الآن منصب الرئيس التنفيذي للاستثمار في «نوا كابيتال»، وهو عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دبي. كما هو أيضاً رئيس مجلس إدارة شركة «شمعازي»، وهي شركة تكنولوجيا مالية تهدف إلى الخير وتقف وراء مشاريع ناجحة مثل «MyTenNights.com»، وهي منصة تبرعات على الإنترنت تشجع المسلمين للتبرع خلال ليلة القدر وأقدس فترات رمضان، وكذلك مشروع «زاك شات»، وهو مساعد محادثة شخصي يعمل بالذكاء الاصطناعي ويساعد الناس على حساب زكاتهم بدقة. ولقد شغل أيضاً منصب مستشار وعضو مجلس إدارة في مؤسسة الزكاة الوطنية ذات المقر بالمملكة المتحدة، حيث التقى لأول مرة بعظيم كيدواي.

طلحة يسليهارك، المؤسس المشارك وعضو مجلس الإدارة غير التنفيذي

ولد طلحة يسليلهارك وترعرع في ألمانيا، ودرس علوم المالية والإدارة، وعمل بمناصب عليا في بنك «دويتشه» بكل من أوروبا­­ والشرق الأوسط. ويقيم حالياً في فرانكفورت. وحينما أعاد يسليلهارك وشقيقه محمد الاتصال بزيفر بيرج خلال جائحة كوفيد-19، وهو صديق الطفولة منذ فترة نشأتهما في ألمانيا، والذي كان قد حقق للتو مخرجاً ناجحاً، فإنهم قد أمضوا حينها شهوراً في العصف الذهني معاً حول كيفية توجيه الثروة إلى حيثما كانت هناك الحاجة الماسة إليها. ولقد أرادوا العثور على شيء يتجاوز مجرد الأعمال الخيرية، وعلى شيء من شأنه أن "يخلق أثراً دائماً" و "يقدم أعلى قيمة مقابل النقد" – ومن هذه الجلسات وُلدت شركة كوليكتف كونتينيوم.

عاصف باكي، كبير مسؤولي تجربة العملاء

نشأ عاصف باكي في ولاية ويسكونسن، ويقيم الآن في شيكاغو، ­­­­­­­وبدأ مسيرته المهنية في التكنولوجيا بشركة مايكروسوفت قبل الانتقال إلى شركة جوجل. وهناك، أصبح لاعباً رئيسياً في مبادرة «المليار مستخدم التاليين»، مما جعل الإنترنت أكثر سهولة في الوصول للعالم الجنوبي من الكرة الأرضية، وذلك من خلال إعادة التفكير في الأساليب التقليدية لتقديم تكاليف بيانات أقل، وتصاميم أكثر ملاءمة لتجربة وواجهة المستخدم، والتي غالباً ما تكون من خلال منظور الهاتف المحمول أولاً. ويقول: "إيجاد الحلول يبدأ بتحديد الإشكاليات الصحيحة، ومن هناك يمكنك تنمية ثقافة الشركة ومنح الناس كل من الموارد والتدريب والإرشاد الذي يحتاجونه".