مع بلوغ أزمة اللاجئين أوجها في أوروبا عام 2015 وازدياد حدة المشاكل اللوجستية المتعلقة بإدارة شؤونهم، خطرت في بال رائدة الأعمال شيلي تايلر فكرة استغلال التكنولوجيا لحل بعض جوانب الأزمة. كانت فكرة تايلر، وهي المؤسسة والرئيسة التنفيذية لشركة "تريلّيز" Trellyz لتطوير التطبيقات، تتلخص باستخدام خبرة فريقها في إنشاء تطبيق يسهّل عملية وصول اللاجئين إلى الملاجئ وتيسير وصولهم إلى الخدمات الأساسية. واستطاعت تايلر أن تموّل مشروعها من مال الشركة ومالها الخاص بالإضافة إلى بعض الهبات.
هكذا أبصر تطبيق "إغاثة اللاجئين" أو RefAid النور في إحدى عطل نهاية الأسبوع في بداية عام 2016، وهو يستخدم تقنية تحديد المواقع الجغرافية والبيانات الآنية لتوفير خرائط ومعلومات محدّثة بنقاط الخدمات الأقرب إلى كل من المهاجرين واللاجئين والعاملين في مجال الإغاثة. وتشمل هذه الخدمات تلبية احتياجات بسيطة على المدى القصير، كالماء والبطّانيات، فيما يفي البعض الآخر بالمتطلّبات الحياتية الطويلة المدى للأشخاص العالقين في حالةٍ من الانتظار: كالمساعدة القانونية، والمستوصفات الطبية، والتعليم. وتؤكد تايلر، التي تمتلك خبرة طويلة من العمل في وادي السليكون، على ذلك بالقول: "يسعى هذا التطبيق لتلبية احتياجات اللاجئين على مدى سنوات طويلة من مسيرتهم".
واليوم، وبعد مضي قرابة العامين على إطلاقه، انتشر التطبيق ضمن منصة الهواتف الذكية في 14 بلداً وأصبح مستخدماً بشكل فعّال من قبل أكثر من 400 منظّمة إغاثية ومؤسسة خيرية، تضم مؤسسات ضخمة مثل الصليب الأحمر البريطاني ومنظمة "أنقذوا الأطفال"، كما تنضم نحو 50 منظمة جديدة شهرياً إلى قائمة المستخدمين. ويتيح التطبيق للمنظّمات غير الربحية المشاركة أن تضيف إلى المنصة معلومات عن أنشطتها وخدماتها بلغتين مختلفتين توفرها للمستخدمين من اللاجئين والمهاجرين. وإلى جانب توفير المعلومات لهؤلاء المستخدمين، تعتبر المنصة المصدر الوحيد لوكالات الغوث لتحديد الخدمات المتوفّرة والمفقودة في أي وقت من الأوقات في كلّ موقع من مواقع عملها.
وتوضح تايلر إحدى الفوائد الكبيرة للمنصة قائلة: "للمرة الأولى، أصبح لدى المنظمات طريقة تتبيّن من خلالها الأنشطة التي تنفذها المنظمات الأخرى في منطقة عملها، مما يضمن عدم تقديم الجميع الخدمات ذاتها في موقع واحد، بل التأكد من أن الخدمات تكمل بعضها البعض".
إن تطبيق "إغاثة اللاجئين" هو مثال واضح على مواكبة رواد الأعمال لتطورات عصرهم. فلو ظهر التطبيق قبل عقد من الزمن لكان مثل طائر يطير خارج السرب. أما اليوم، فهو دليل على توجّه أوسع لدى شركات التكنولوجيا نحو تعطيل طرق الاستجابة التقليدية للأزمات التي يتبناها قطاع الإغاثة وذلك من خلال طرح نماذج أكثر تطوراً وفعالية. وبدءاً من العام 2015، أخذت هذه الصناعة تشهد استجابة شبه عفوية لأزمة اللاجئين، مع مشاركة أعداد كبيرة من خبراء التكنولوجيا في الجهود لإيجاد حلول جديدة من أجل مساعدة اللاجئين العابرين للحدود. ومع وفرة أعداد المبرمجين ونشاطاتهم الجماعية، ظهرت أدوات ونماذج ناشئة تساعد في تلبية احتياجات اللاجئين، بدءاً بـ "تكفيوجيز"، وهو مشروع ريادة اجتماعية يهدف إلى تحفيز قطاع التكنولوجيا العالمي على الاستجابة للأزمة، وصولاً إلى شركات رقمية راسخة مثل "تريليز".
وتعلق ميغان بنتون، وهي محلّلة أولى للسياسات في معهد سياسات الهجرة، على هذا التوجه قائلة: "كانت مفاجأة كبيرة وسارّة عندما بادرت شركات التكنولوجيا إلى مد يد العون في خضمّ أزمة المهاجرين في أوروبا". ومع أنّ هذه الاستجابة الرقمية لم تلغِ الحاجة إلى الأساليب التقليدية لتقديم الإعانات، إلا أنها خطوة في هذا الاتجاه، كما أنها تضفي لمسةً جديدةً على طريقة عمل المنظمات الإنسانية التي تنوء تحت أعباء جمّة.
لكنها تضيف: "هناك إمكانيات واعدة بأن نحقّق تغييراً حقيقياً إذا ما تضافرت جهودنا، وفكّرنا في كيفية تعزيز الاستفادة من التكنولوجيا لحلّ المشاكل على نطاق واسع".