يحذر خبراء التربية في منطقة الشرق الأوسط من أن يؤدي التوجه الحالي نحو التعلم عن بُعد أو عبر الإنترنت بسبب الإجراءات القائمة لاحتواء جائحة كوفيد-19 إلى اتساع الهوة بين الطلاب من الفئات الغنية أو الميسورة وزملائهم من الفئات الأقل حظاً.
ووفق تقديرات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، لا يستطيع نحو 43 بالمئة من الطلاب في مختلف المؤسسات التعليمية حول العالم النفاذ إلى الإنترنت، بينما لا يمتلك الملايين غيرهم كلفة شراء جهاز كمبيوتر.
بالنسبة لهؤلاء الطلاب، والملايين غيرهم من اللاجئين الذين باتوا منقطعين عن الدراسة بحكم ظروفهم، فإن فيروس كورونا يمثل تهديداً إضافياً بترسيخ عدم المساواة في فرص التعليم والتوظيف في المستقبل.
في حديث لها مع مجلة "زمن العطاء" تعلق سونيا بن جعفر، الرئيس التنفيذي لمؤسسة عبدالله الغرير للتعليم، قائلة: "ما يدعو للقلق هو أننا نشهد ظهور أزمة ضمن أزمة. إن انقطاع الطلاب عن الدراسة هو أمر مؤسف جداً لأن التعليم مسألة حاسمة في تنمية أطفال اللاجئين ومساعدتهم على تكوين مستقبلهم". وتضيف بأن هذا يعني أن "الفجوة الرقمية" آخذة بالاتساع لتزيد من استبعاد الفئات الأقل حظاً من خلال الحد أكثر من فرص نفاذهم للإنترنت والأجهزة الرقمية.
من جهتها، تخشى منظمة اليونسكو الآثار النفسية السلبية الناتجة عن انقطاع الأطفال عن الدراسة. وتقول هنرييتا فوري، المديرة التنفيذية للمنظمة: "إن زيادة حدة عدم المساواة، وتراجع مستويات الصحة، وزيادة في مظاهر العنف وعمالة الأطفال وزواج الأطفال ما هي إلا بعض المخاطر البعيدة المدى التي تنتج عن انقطاع الأطفال عن الدراسة". وتضيف قائلة: "لقد علمتنا التجارب أنه كلما طال غياب الأطفال عن مقاعد الدراسة، أصبح من المرجح أكثر ألّا يعودوا إليها أبداً".
التعامل مع التحدي
تُقدّر أعداد الأطفال بين سنّ الخامسة والسابعة عشر الذين هم اليوم خارج مقاعد الدراسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب جائحة كوفيد-19 بنحو 100 مليون طالب. في هذه الأثناء تعمل الأجهزة التربوية جاهدة وهي تحاول المحافظة على استمرارية عملية التعلم ومساعدة الطلاب من الفئات الأقل حظاً على عدم التخلف عن الدراسة. لكن هذه العملية تتطلب جهوداً جبارة، بالنظر إلى الأعداد الضخمة من الأطفال والشباب الذين لا يمتلكون جهاز كمبيوتر أو ليس لهم نفاذ إلى الإنترنت من منازلهم.
وقد استفادت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من تجربة سابقة لها في مواجهة مشكلة إغلاق المدارس بسبب النزاعات المسلحة، حيث كانت قد طورت مواد تعليمية رقمية تساعد الطلاب على متابعة الدراسة عن بُعد في بيوتهم. وفي مواجهة الأوضاع التي فرضتها جائحة كورونا اليوم، تستخدم الوكالة مزيجاً من محتوى دراسي رقمي – يتوفر بعضه عبر الإنترنت وبعضه الأخر يقدم مباشرة للطلاب – وبرامج يتم بثها عبر قنوات التلفزيون، بالإضافة إلى محاضرات حية يقدمها معلمون للقلّة من الطلاب الذين يمتلكون جهاز كمبيوتر واتصالاً بالإنترنت.