سلطت الحرب في أوكرانيا الضوء على هشاشة نظام الغذاء العالمي، إذ يعتمد جزء كبير من عالمنا منذ وقت طويل جداً اعتماداً كبيراً على روسيا وأوكرانيا، اللتين تستحوذان معاً على نحو ثلث الصادرات العالمية من القمح.
ولذلك فإن الصراع الجاري هناك يهدد بحدوث طوفان من الجوع وسوء التغذية على الصعيد العالمي في ظل ارتفاع أسعار الغذاء والأسمدة والوقود، وهو ما يعني أن آلاف الأسر في أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا أصبحت غير قادرة على تحمل تكلفة الحصول على ما يكفي من الغذاء المغذي.
ومن دون تدخل عاجل وواسع النطاق، فإن الخبراء يحذرون من أن مئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم سيقعون في براثن الفقر المدقع، في وقت ستظل فيه الآثار المترتبة على سوء التغذية محسوسة لأجيال عدة.
ويذكر أن سوء التغذية هو السبب الرئيسي وراء 45 في المئة من جميع وفيات الأطفال على مستوى العالم، وفي الأشهر الستة الأولى من عام 2022، عانى 260,000 طفل إضافي - أي ما يعادل طفلاً واحداً في كل 60 ثانية - من الهزال الشديد، وفقاً لليونيسيف.
وفي المنطقة العربية وحدها، يعاني نحو 51 مليون شخص من الجوع، بحسب الأمم المتحدة، كما أن العديد من الدول مثقلة بما يسمى بـ "العبء الثلاثي الأبعاد لمشكلة سوء التغذية" المتمثل بنقص التغذية وزيادة الوزن والسمنة ونقص المغذيات الدقيقة.
وقد ثبت أن الاستثمار في تحسين مستويات التغذية، لاسيما لدى الأطفال والمراهقين والنساء، يعد أحد أفضل الأدوات التي نملكها للنهوض بصحة الأطفال وتعليمهم وسبل كسب عيشهم في المستقبل.
مع ذلك، يعاني قطاع التغذية من نقص مزمن في التمويل، إذ يقدر العجز في الوقت الراهن بنحو 11 مليار دولار سنوياً. كما تحصل التغذية كقطاع على أقل من واحد في المئة من المساعدات المقدمة من المانحين التقليديين. ولا يؤدي اجتماع تداعيات جائحة كوفيد-19 والصراع وتغير المناخ سوى إلى تفاقم هذا الوضع في ظل تعمق الاحتياجات وتقلص حجم الميزانيات.