غالباً ما يستهوي المانحون تشبيه ’العملاء‘ عند الحديث عن المنظمات غير الربحية التي يقومون بتمويلها. فعلى سبيل المثال، يقول ديف بيري، المدير التنفيذي لمؤسسة ‘بيري‘ Peery Foundation، ومقرها بالو ألتو، "نحن ننظر إلى المستفيدين من منحنا على أنهم عملاء لنا ونتصرف وفقاً لذلك".
غير أن هذا التفكير بعيد كل البعد عن المنطق. بل هو في الحقيقة تشبيه سيء للغاية، إذ أن المانحين ليس لهم عملاء. ففي النهاية، تتدفق الأموال في الاتجاه المعاكس: فالعملاء يدفعون مقابل الحصول على شيء ما، أما ما يحصل هنا فهو أن المتلقين للمنح هم الذين يحصلون على الأموال. وبناءً على ذلك، تصبح ديناميات القوى مختلفةً تماماً. في معظم الصناعات، يكون لدى العملاء خيارات، ما يعني أن الشركات، من الناحية النظرية على الأقل، ستدفع ثمن تجاهل خياراتهم وتفضيلاتهم.
وعلى الرغم من أنه يمكنني اختيار المطعم الذي أود الذهاب إليه، إلا أن معظمنا - الذين نقود منظمات غير ربحية - لا نشعر بالضرورة بأن لدينا خياراً عند الحديث عن اختيار الجهة التي نجمع الأموال منها. فنحن نسعى إلى جمع الأموال من أي شخص تقريباً نعتقد أنه سيقدم الأموال لنا! أما خيار بناء العلاقات فمتروك للمانحين.
فيما يلي 10 قواعد لبناء علاقات عمل قوية مع المنظمات التي تدعمها. قمت بتجميع هذه القواعد من خلال الاستطلاعات التي أجراها مركز العمل الخيري الفعّال Center for Effective Philanthropy لعشرات الآلاف من الحاصلين على المنح حول المئات من الجهات المانحة - ومن العمل مع كل من المؤسسات التي تمثل قدوة للآخرين وأولئك الذين يكافحون لتحسين علاقاتهم مع المنظمات غير الربحية التي يمولونها.
1. لا تحاول فرض التوافق
ابحث عن التوافق بين أهدافك واستراتيجياتك من جهة وأهداف واستراتيجيات المنظمات غير الربحية من جهة خرى. فمن الخطأ الاعتقاد أنه يمكنك استخدام النفوذ الذي تتمتع به على المستفيدين من المنح لتطويعهم لقبول ما تظن أنه صحيح. إن ممارسة الضغوط لتعديل الأولويات يساهم في تكوين علاقات تتسم بمستويات أقل من الإيجابية. فعلى سبيل المثال، يعد المستفيدون الذين يتم الضغط عليهم بهذه الطريقة أقل استعداداً لتقديم المعلومات حول المشاكل. ولذلك، من الأهمية بمكان إعطاء الأولوية للتوافق والملاءمة وعدم محاولة فرض التوافق بالقوة.
2. كن على يقين أنك إذا كنت من كبار المانحين، فأنت تعيش في فقاعة من التفاؤل والإيجابية. اتخذ الخطوات اللازمة لتفجير هذه الفقاعة والتعلم من التجربة.
سمعت أن العديد من كبار المانحين يصرون على أنهم يعرفون بالضبط ما يفكر به المستفيدون - وأنهم متواضعون جداً ويمكن الوصول إليهم بسهولة لدرجة أنهم ألغوا دينامية القوى أنشأوا سبل اتصال مفتوحة وثنائية الاتجاه.
لكنهم مخطئون في ذلك. فدينامية القوى ستبقى موجودة دائماً بين الممول والجهة الحاصلة على التمويل، والطريقة الوحيدة لمعرفة آراء المستفيدين هي إيجاد طرق مبتكرة لتلقي آرائهم ومعرفة انطباعاتهم.
3. لا تفترض أن لديك ما يلزم لتقوية المنظمات غير الربحية أو بناء قدراتها. قم بسؤالهم عما يحتاجون إليه ثم اعرض تقديمه لهم فقط إن كنت قادراً على القيام بذلك بشكل جيد.
أن تكون جيداً في العمل على تقوية المنظمات يتطلب الكثير من التركيز والموارد. وإذا كنت تسعى إلى تعزيز المنظمات غير الربحية التي تمولها وتقويتها، فاستكشف ما يمكنك تقديمه، ثم تأكد من تمتعك بالمهارات والخبرات اللازمة للقيام بذلك بشكل جيد.
يعتبر الوقت مهماً للغاية بالنسبة للأفراد. تأكد أولاً أنك تستطيع الالتزام بساعات منتظمة ويمكن الاعتماد عليها. يمكن أن يكون التطوع وسيلة مجزية وفعالة للعطاء، لكن احرص على التعامل مع التطوع بتواضع والتركيز على ما تحتاجه المنظمة غير الربحية.
4. لا تضع قيوداً على عطائك واجعله يدوم طويلاً.
في حالة المؤسسات ذات الأهداف والاستراتيجيات التي تتداخل بشكل كبير مع أهدافك واستراتيجياتك، عليك توفير تمويل كبير غير مقيد وطويل الأجل، فهو ذو فائدة أكبر للجهات التي تتلقى المنح. إن إحراز تقدم في الأهداف المشتركة يتطلب وجود منظمات قوية، غير أن المانحين غالباً ما يقيدون التمويل ويجلبون التحديات ويحدّون من قدرة المنظمات غير الربحية على تخصيص الموارد بطرق أكثر منطقية. إن المنظمات غير الربحية بحاجة إلى دعم يتسم بالمرونة، وهي بحاجة إلى بناء احتياطيات مالية لا تقل عن ثلاثة إلى ستة أشهر من نفقات التشغيل.
5. قم بضبط ما تطلبه من المنظمات غير الربحية وفقاً لحجم هباتك.
لقد شهدت مؤسسات مانحة تقدم منحاً صغيرة لا تزيد مدتها عن عام واحد بعد القيام بعمليات اختيار وتقييم مرهقة ومضنية للغاية. كما رأيت مانحين ذي توقعات غير واقعية للوقت والاهتمام الذي سيحصلون عليه بالنظر إلى حجم منحهم. لابد أن يكون المانحون على دراية بتكاليف التعاملات بالنسبة للجانبين – الجهة المانحة والجهة المتلقية للمنح، وهو ما يأخذ وقتاً يفترض أن يتم استغلاله في أعمال أكثر أهمية. ولذلك قم بتبني الحجم الصحيح للإجراءات والمتطلبات بما يتوافق مع حجم المنح أو الهبات التي تقدمها.