في الأسابيع القليلة الأولى من الأزمة الأوكرانية، أُجبر أكثر من ثلاثة ملايين شخص على الفرار من ديارهم إلى دول أخرى، ومعظمهم لم يحمل سوى ما يزيد قليلاً عن الثياب التي يضعها على جسده. وما الوتيرة التي تكشفت بها فصول هذه الأزمة إلا تذكيرٌ صارخٌ بالهشاشة التي تتسم بها حياتنا اليوم ودليل على أنه ينبغي للمجتمع الدولي أن يكون مستعداً في أي وقت للتخفيف من المعاناة البشرية.
ويبقى التمويل السريع والمرن أمراً بالغ الأهمية في حالة مثل أوكرانيا، التي تتسم بسياق متقلب وسريع التطور وينطوي على استقبال اللاجئين في العديد من الدول المجاورة.
فقد أتاح هذا النوع من التمويل لنا – في لجنة الإنقاذ الدولية – الفرصة لتعزيز الجهود التي يبذلها شركاؤنا المحليون على الخطوط الأمامية - والذين لا يتمتعون سوى بوصول محدود إلى الموارد - من أجل ضمان حصول أكبر عدد ممكن من الأشخاص على الدعم المنقذ للأرواح.
وعلى الرغم من بشاعة الصراع في أوكرانيا، إلا أنه للأسف ليس حالةَ منعزلة. فأعمال الحرب الوحشية - بما في ذلك قصف المستشفيات والمدارس والمباني المدنية - تحدث أيضاً في سوريا واليمن وليبيا وأفغانستان، على سبيل المثال لا الحصر.
تسلط "قائمة مراقبة الطوارئ" لعام 2022 الضوء على الدول العشرين الأكثر عُرضة لخطر تفاقم الأزمات الإنسانية. وتبيّن هذه القائمة أن هناك أعداداً قياسيةً من الأشخاص المحتاجين إلى المساعدات وأعداداً قياسية من الأشخاص الذين يعانون من العنف والنزاعات وأعداداً قياسية أيضاً من المدنيين المُعرضين لتهديدات خطيرة لحياتهم وسُبل عيشهم.
وعلى الرغم من أن الملايين من الأوكرانيين يستحقون بالفعل الحصول على اهتمامنا ومواردنا، لكننا لا يجب أن نسمح للأفغان واليمنيين والإثيوبيين والسوريين وغيرهم ممن يعانون في أماكن أخرى من العالم بدفع ثمن تحويل جزء كبير جداً من موارد المعونة واهتمام وسائل الإعلام بعيداً عن أزماتهم.
لقد بات العديد من هذه النزاعات اليوم أزمات ممتدة في ظل استمرارها لعدة سنوات، بل لعقود، الأمر الذي يجعل الحاجة إلى توفير التمويل والدعم على المدى الطويل أكثر أهميةَ من أي وقت مضى.