رياضية لاجئة تصنع حدثاً تاريخياً في باريس 2024

أصبحت سيندي نجامبا أول لاجئة تفوز بميدالية أولمبية ورمزاً للأمل للملايين ما حول العالم.

صنعت الملاكمة سيندي نجامبا حدثاً تاريخياً بالألعاب الأولمبية في باريس عندما أصبحت أول عضو في فريق اللاجئين يفوز بميدالية أولمبية. وفازت الكاميرونية – التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها – بالميدالية البرونزية في فئة 75 كجم للسيدات، وهو أكثر من تبرير لاختيار الشابة البالغة من العمر 25 عاما لتكون حاملة لعلم الفريق الأولمبي للاجئين التابع للجنة الأولمبية الدولية في حفل الافتتاح على نهر السين.

وكانت نجامبا واحدة من 37 رياضياً تم اختيارهم للفريق الأولمبي للاجئين، والذي أرسل منافسين في مجموعة من الألعاب الرياضية تشمل السباحة، وألعاب القوى، والجودو، والملاكمة، ورفع الأثقال، وكرة الريشة.

وكانت هذه هي المرة الثالثة التي يشارك فيها فريق من اللاجئين في الألعاب، وهذا بعد ريو في عام 2016 وطوكيو في عام 2021. وهناك أيضاً ثمانية رياضيين معاقين لاجئين وعداء مرشد واحد يتوجهون إلى الألعاب البارالمبية.

وقد ضم فريق عام 2024: أيرو جبرو، وهو راكب دراجة محترف يعيش الآن في فرنسا بعد فراره من الحرب الأهلية في إثيوبيا. والعداء الجنوب سوداني المقيم في سويسرا دومينيك لوبالو، الذي نجح في الوصول إلى نهائي سباق 5000 متر؛ ويحيى الغاطوني، الذي مارس التايكوندو في مخيم الأزرق للاجئين في الأردن بعد فراره من سوريا. وكان زميله فرزاد منصوري، الذي كان حامل علم أفغانستان في الألعاب الأولمبية قبل ثلاث سنوات، ولكنه شق طريقه إلى المملكة المتحدة بعد سقوط كابول في سبتمبر 2021، أيضاً من ضمن فريق اللاجئين.

ولكل رياضي قصته الخاصة عن الصمود والشجاعة والأمل، بما في ذلك رئيس بعثة الفريق معصومة علي زادة. وكانت قد تنافست كعضو بالفريق الأولمبي للاجئين في طوكيو قبل ثلاث سنوات، وهذا بعد أن استقرت في فرنسا في أعقاب تهديدات من جماعة طالبان في موطنها أفغانستان.

وقالت قبل الألعاب "إن الرياضيون هم بالفعل قد فازوا مسبقاً، لأنني أعرف مدى صعوبة أن تكون لاجئاً". وأضافت أنه "لقد واجهنا الكثير من التحديات والصعوبات، ولكننا لم نستسلم. وإنهم مصدر إلهام للاجئين الآخرين في جميع أنحاء العالم".

image title
سيندي نجامبا في خضم الحلبة من باريس 2024. الصورة: اللجنة الأولمبية الدولية

وقالت نجامبا، والتي كانت واحدة من ستة رياضيين تمت دعوتهم إلى المنصة لحضور الخطاب الأخير للحفل الختامي في استاد فرنسا: "إنه يعني كل شيء بالنسبة لي أن أصبح أول رياضية لاجئة تفوز بميدالية. وأنا بشر، تماماً مثل أي لاجئ آخر حول العالم. وإلى أي لاجئ متواجد، ولأي لاجئ أينما كان، وأكان رياضياً أم لا، فعليك بالاستمرار في الإيمان بنفسك، ويمكنك أن تحقق كل ما تضع ذهنك فيه".

وبعد أن كان قد تنافس فريق اللاجئين في السابق تحت العلم الأولمبي، فإنه تم تمثيله هذا العام بشعار فريد يتميز بسهم علامة طريق، والذي يرمز إلى الرحلة المشتركة ما بين النازحين، وذلك مع وجود قلب في مركز السهم لتمثيل الانتماء.

وكان كلا من العلم والشعار «واحد من كل مئة مليون» – وهو اعترافاً بعدد اللاجئين ما حول العالم – قد تم نشرهما بنطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الألعاب الأولمبية، وتلقى الرياضيون اللاجئون ترحيباً حاراً أينما تنافسوا، وهذا بغض النظر عن النتائج الفردية.

 "وإلى أي لاجئ متواجد، ولأي لاجئ أينما كان، وأكان رياضياً أم لا، فعليك بالاستمرار في الإيمان بنفسك، ويمكنك أن تحقق كل ما تضع ذهنك فيه".

سيندي نجامبا، الحائزة على الميدالية البرونزية، باريس 2024

image title
حظي الرياضيون اللاجئون خلال الألعاب الأولمبية، بترحيب حار من الحشود في جميع أنحاء باريس. الصورة: اللجنة الأولمبية الدولية

وقد ولد ما يقرب من نصف الرياضيين بفريق اللاجئين لهذا العام في إيران، حيث توجد ضغوط قوية للامتثال لأيديولوجية الحكومة. ومثالاً لذلك فهو ما حدث في العام الماضي، عندما تم منع رافع الأثقال الإيراني المخضرم مصطفى رجائي من ممارسة جميع الألعاب الرياضية مدى الحياة بعد أن وقف بجانب رياضي إسرائيلي على أحد المنصات، وهذا وفقاً لتقارير صادرة عن وكالات الأنباء الحكومية الإيرانية.

وكانت لاعبة كرة الريشة دورسا يافاريفافا واحدة من الإيرانيين في فريق اللاجئين لهذا العام. وقد فرت من وطنها في سن الخامسة عشر. وأوضحت يافاريفافا بأنه "لقد كان الأمر من الصعب حقاً لأنني اضطررت إلى ترك عائلتي وأصدقائي. ولم يكن لدي أي فكرة عما سيحدث"، وذلك في مقابلة مسجلة لـ Unsung، وهو بودكاست يسلط الضوء على القصص الرياضية غير المروية.

ونظراً لرحلتها الشاقة إلى المملكة المتحدة – بما في ذلك سجنها في ثلاث مناسبات أثناء عبورها لخمسة بلدان – فإن يافاريفافا كانت فخورة بتمثيل اللاجئين على أكبر مسرح رياضي.

وقالت بأن "كل واحد منا هو «واحد من كل مئة مليون» ونريد فقط أن نجعلهم يشعرون بالفخر وأن نقول لهم أنكم أناس عاديون، ونحن رياضيون عاديون مثل الرياضيين الآخرين. ولا يوجد فرق بيننا جميعا". وأضافت بأنه "دائماً ما أصبح عاطفية، ودائماً ما أسترجع ذكريات الماضي. ولكن بعد ذلك أفكر بأن الأمر قد انتهى وإنني في مكان آمن. وكل ما أفكر فيه هو الألعاب الأولمبية. والطريقة التي ألهي بها نفسي هي بالتركيز على ذلك. وبمجرد وضع الماضي بعيداً وبالمضي قدماً".

وكان السباح ماتين بالسيني، والذي استقر الآن في المملكة المتحدة، قد قام بتمثيل إيران في أولمبياد طوكيو قبل ثلاث سنوات. ولكن في باريس، بدلاً من العلم الإيراني بجوار اسمه عندما كان يصطف وراء كتلته، كان هناك شعار اللجنة الأولمبية الدولية للاجئين.

وقال في مقابلة مع Unsung: "أنا سعيد جداً بالذهاب إلى الألعاب الأولمبية، ولكنه أيضا محزن بعض الشيء لأنني لا أستطيع السباحة من أجل أمتي بعد الآن". وأسهب مستفهماً بأنه "عندما تمثل فريق اللاجئين، فليس لديك أمة. ومن قبل، كلما كنت أذهب إلى ما وراء الكتلة فقد كنت أفكر في ضاحيتي، وفي مدينتي. ولكن الآن أصبح الأمر صعباً. وما زلت أفكر فيهم لأنني ما زلت أحب شعبي وبلدي. ولكن الآن، عندما أذهب وراء الكتلة، فهل سيمكنني التفكير بهم بعد الآن أم لا؟"

ويأمل كلا من يافاريفافا وبالسيني في أن يصبحا يوماً ما مواطنين بريطانيين. ويمكنهم أن يستلهموا الأمل من لاعبة التايكوندو كيميا علي زاده، والتي مثلت فريق اللاجئين في طوكيو، ولكنها فازت هذا العام بميدالية برونزية بألوان بلغاريا، حيث تحصلت على الجنسية.

"هذه الميدالية ... ترمز إلى الروح الصمدة للاجئين وإلى قوة الرياضة على التوحيد والإلهام"

كيلي كليمنتس، نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

وقالت نائبة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كيلي تي كليمنتس، في بيان لها أن "الرياضة أداة قوية تحمي وتساعد على الشفاء". وعقبت بأنه "لقد تغلب هؤلاء الرياضيون اللاجئون على تحديات هائلة، ولكن نجاحهم هو تذكير للعالم بما يمكن تحقيقه عندما يتم منح اللاجئين يد العون لتحقيق أحلامهم".

وأضافت بأن "نجامبا هي صانعة تاريخ، وهذه الميدالية هي شهادة على شجاعتها وقوتها داخل الحلبة وخارجها. وإنها ترمز إلى الروح الصمدة للاجئين وإلى قوة الرياضة على التوحيد والإلهام".

وفي نهاية عام 2023، نزح ما يقدر بنحو 117.3 مليون شخص في جميع أنحاء العالم قسراً بسبب الاضطهاد والصراع والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان، وهذا وفقاً للمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وتشكل هذه الزيادة إلى 117.3 مليون في نهاية عام 2023 ارتفاعاً بنسبة 8 في المئة، أو ما يعادل 8.8 مليون شخص، مقارنة بنهاية عام 2022، وتواصل سلسلة من الزيادات السنوية على مدى السنوات الـ 12 الماضية.

وأصبح الآن 1 من كل 69 شخصاً، أو 1.5 في المئة من سكان العالم بأسره، مهجرون قسراً. وهذا ما يقرب من ضعف 1 من كل 125 شخصاً نزحوا قبل عقد من الزمن. – «PA»