اتسم شهر يوليو 2023 بحقيقة مقلقة وهي تسجيله لأعلى درجات حرارة على كوكب الأرض على الإطلاق. يمكننا قول ذلك بدرجة عالية من اليقين بفضل الانتشار الواسع لأجهزة استشعار المناخ المتطورة وجهود شبكة تعاونية من مرافق مراقبة الأرصاد الجوية والغلاف الجوي التي تجري التحليلات في الوقت الحقيقي وترسم التوقعات المستقبلية بدقة متناهية.
وتعزز هذه الشبكة نفسها أكثر من أي وقت مضى قدرة الخبراء على تحديد مواقع وأوقات الانتقال المحتمل للأمراض المعدية الحساسة للمناخ مثل الملاريا وحمى الضنك، ما يتيح استخدام الموارد المحدودة بطريقة أكثر فعالية من أجل القضاء تماماً على هذه الأمراض.
إن الاحترار العالمي يهدد بتفاقم انتشار الأمراض المعدية وتقلبها، فارتفاع درجات الحرارة وانتشار الظواهر الجوية المتطرفة وتغيّر أنماط هطول الأمطار تؤثر على الطريقة التي تنتقل بها الأمراض المحمولة بالنواقل مثل الملاريا وحمى الضنك - ما يعقد المساعي العالمية المبذولة للقضاء على هذه الأمراض المريعة ويعرض مجتمعات جديدة وأكثر هشاشة للخطر.
تحصد الملاريا وحدها أرواح أكثر من 600,000 شخص سنوياً - معظمهم من الأطفال الصغار في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وتشير توقعات الخبراء إلى أن عدد حالات الإصابة بالملاريا يمكن أن يزيد بمقدار الضعف بحلول عام 2050 وضعفين بحلول عام 2080. ومن المتوقع أيضاً أن يواجه ما يقدر بنحو 60 في المئة من سكان العالم خطر الإصابة بحمى الضنك.
وعلى الرغم من أن الاحترار العالمي يهدد بتفاقم انتشار العديد من الأمراض المعدية وتقلبها، فإن قدرتنا على التنبؤ بتفشي الأوبئة ومنع حدوثها يتزايد بوتيرة مذهلة أيضاً.