إن الوقت يداهمنا. فالعالم يجد نفسه اليوم عند مفترق طرق حاسم في المعركة ضد تغير المناخ. والغذاء الذي نستهلكه لا يسهم فقط في تفاقم تغير المناخ بل إن توافره - في حال تقاعسنا عن اتخاذ إجراءات عاجلة - سيتأثر بشكل كبير بارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الطقس.
وفي وقت لاحق من هذا العام، سيجتمع قادة العالم وأصحاب المصلحة في مؤتمر الأطراف COP28 لمناقشة الإجراءات العاجلة التي يتوجب علينا اتخذها لمكافحة الآثار الوشيكة لتغير المناخ على البشرية وكوكبنا. ولذلك لا بد أن يكون إصلاح النظام الغذائي في صميم هذه المناقشات.
إن تغير المناخ والنظام الغذائي العالمي مترابطان بشكل معقد. وعلى الرغم من أن هذا الترابط يشكل تهديداً هائلاً للملايين من البشر، إلا أنه يؤثر بشكل غير متكافئ على النساء في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل، فضلاً عن الأشخاص الذين يعانون من الفقر والجوع وسوء التغذية.
يُسهم نظامنا الغذائي العالمي بشكل كبير في أكثر من ثلث انبعاثات الغازات الدفيئة، وإزالة الغابات، وفقدان التنوع البيولوجي. في الوقت نفسه، يتسبب تغير المناخ بتأثير ضار على الزراعة. فالظواهر الجوية المتطرفة، والتغيرات في مواسم الإنبات، وأنماط هطول الأمطار التي لا يمكن التنبؤ بها تعرض إنتاج الغذاء وأمن الملايين في جميع أنحاء العالم للخطر. إنها حلقة مفرغة لا بد لنا من كسرها بشكل عاجل.
كما أن تغير المناخ وسوء التغذية وجهان لعملة واحدة. فمن المتوقع أن يؤدي الفشل في التصدي لآثار تغير المناخ إلى زيادة بنسبة 20 بالمئة في خطر التعرض للجوع وسوء التغذية بحلول عام 2050. وفي الوقت الحالي، يعد نقص التغذية عاملاً أساسياً في حدوث 45 بالمئة من الوفيات بين الأطفال دون سن الخامسة. ولن يؤدي تغير المناخ إلا إلى تفاقم هذا الوضع وارتفاع هذه الأعداد.
من الأهمية بمكان إصلاح النظام الغذائي من أجل التخفيف من أثار تغير المناخ وضمان التمتع مستقبل مستدام. وينبغي أن يشمل هذا الإصلاح اعتماد الممارسات الزراعية المستدامة، والحد من هدر الطعام، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وضمان المساواة في الوصول إلى الأطعمة المغذية.