نصف قرن من الزمن قد مضى، كانت أسوأ فتراته حرباً عاتية وأفضلها ما يمكن وصفه بحالة من "شبه السلام". كانت البداية في 5 يونيو عام 1967، عندما اجتاح الجيش الإسرائيلي الجزء الشرقي من مدينة القدس ومناطق أخرى واسعة من الأراضي الفلسطينية. وعلى الرغم من أن "حرب الأيام الستة" هذه لم تكن الأولى في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، إلا أنها وضعت الضفة الغربية وقطاع غزة تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، وبهذا حددت مشهد الأزمة الفلسطينية من صراعات واضطرابات ونزوح لمدة الخمسين عاماً التي تلت، وكرست أطول احتلال عسكري في تاريخ العالم الحديث.
وبعد انقضاء ما يقارب السبعة عقود منذ اندلاع أول حرب بين إسرائيل والعرب، ما يزال المستقبل حالكاً، خاصة بالنسبة للنازحين واللاجئين الفلسطينيين في دول المنطقة. ووفق إحصاءات منظمة الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى) المعنية بتخفيف معاناتهم، فإن أعداد الفلسطينيين المسجلين تحت رعايتها قد تضاعفت بشكل كبير، من 750,000 لاجئ عام 1948 إلى نحو خمسة ملايين اليوم، وهو ما يشمل أربعة أجيال من الفلسطينيين. ونحو 40 بالمئة من هؤلاء هم نازحون يعيشون في قطاع غزة والضفة الغربية، و40 بالمئة آخرون في الأردن، أما الباقي فهم لاجئون في سوريا ولبنان. وبعد عقود أمضوها في المنفى، ما يزال اللاجئون الفلسطينيون يعانون من عدم امتلاكهم لوثائق الجنسية الضرورية.
وتتباين التحديات التي تواجههم وفقاً للبلد الذي لجؤوا إليه. ففي لبنان، حيث نسبة اللاجئين الفلسطينيين بالنسبة لعدد السكان هي الأكبر، هناك عقبات قانونية تتفاوت من قيود على تملك العقارات إلى حرمان من مزاولة 36 مهنة في سوق العمل، ما ساهم في جعل 65 بالمئة من الـ 450,000 لاجئ فلسطيني في لبنان يرزحون تحت وطأة الفقر، إذ لا يتعدى مدخول الواحد منهم ما معدله 195 دولاراً في الشهر - أي أقل من نصف معدل الدخل للعامل اللبناني، وفقاً لبيانات الأونروا.
ولا شك أن الوضع الأمني في سوريا شكل مخاطر إضافيةً للأسر الفلسطينية هناك. فبعد اندلاع الحرب فيها، أصبح حوالي 460,000 لاجئ فلسطيني في سوريا بحاجة لمساعدات الإغاثة، فضلاً عن 42,000 آخرين باتوا يعانون من تجربة الهجرة واللجوء مرتين بعد أن هربوا إلى لبنان الذي ضاقت فيه الحياة مع تضخم أعداد اللاجئين هناك. كما لجأ 16,000 لاجئ فلسطيني آخر من سوريا إلى الأردن.
وعلّق بيير كراهينبول، المفوض العام للأونروا، على وضع هؤلاء، قائلاً: "إنهم يمثلون جيلاً آخر من الفلسطينيين الذين يعانون من فقدان الهوية والمعيشة والسكن. إن مستوى الإحباط واليأس لديهم قد بلغ القعر".