يعيش كل من علي الزعبي وطارق عمرو حياتين مختلفتين تماماً في بلدين مختلفين. علي، ابن الخامسة والثلاثين، إماراتي يعاني من صعوبة في التعلُم، ويتابع دورة تشمل تدريباً داخلياً في إحدى المؤسسات. وهو يأمل عند إكمالها بالالتحاق بعمل في أبوظبي يساعد من خلاله أصحاب الهمم. أما طارق، فهو طبيب تخرج من إحدى جامعات بولندا ويعيش في الضفة الغربية في فلسطين. وقد شارك طارق مؤخراً في دورة تعليمية ساعدته على اجتياز امتحان المجلس الطبي الفلسطيني، ما أتاح له فرصة العمل كطبيب في بلده.
القاسم المشترك بين علي وطارق هو أن كليهما قد استفاد من دورات تدريبية تم إعدادها بفضل ما يسمى بسندات الأثر الاجتماعي والإنمائي، وهي أدوات تمويلية مبتكرة صممت لكي توفر التمويل السريع للتغلب على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المزمنة. تسمح هذه السندات للموارد المالية الخاصة أن تدعم المشاريع التي يتم دعمها عادة من قبل الحكومات أو المؤسسات الخيرية – وتعتمد عوائد هذه الاستثمارات على ما إذا كانت هذه المشاريع ستحقق النتائج المحددة لها مسبقاً أم لا. فإذا فشلت في تحقيق أهدافها، لا يحصل المستثمرون على شيء بالمقابل – أو يقبضون مكافأة إضافية على العوائد في حال تخطى المشروع مستهدفاته.
وخلال العشر سنوات الماضية، استفاد ما يزيد عن مليوني شخص من تمويل سندات الأثر الاجتماعي والإنمائي بعد أن تم إطلاقها في 30 بلداً. وشملت المشاريع المنجزة والقائمة عدة مجالات كان منها دعم صحة الأم والطفل في الهند والكاميرون؛ ومكافحة البطالة في كولومبيا والأرجنتين وجنوب أفريقيا؛ وتخفيض حالات النوم في العراء ومعاودة ارتكاب الجريمة بين السجناء في المملكة المتحدة؛ ودعم الاستدامة في زراعة الكاكاو والقهوة في البيرو.
ولحد الآن تشكل معظم الإقبال على تبني هذه الأدوات من رواد العطاء الاجتماعي، والمؤسسات الخيرية، والمستثمرين الاجتماعيين. لكن بعض المحللين يرون أن من شأن هذه الأدوات أن تحدث ثورة في تقديم الخدمات الاجتماعية، ليس لأنها توفر مصدراً جديداً للاستثمار فحسب، بل لكونها تركز على النتائج أكثر من الخدمات بحد ذاتها. كما أن التمويل الخاص يتيح فرصاً أكثر للتجربة والاختبار – وفي حال نجاح هذه المشاريع يمكن توسيع نطاقها بشكل سريع لإحداث الأثر الأكبر والأوسع.