خلال كلمة موجزة ألقاها قبيل تعهده بالتبرع بمبلغ 5 مليون دولار لصالح وكالة الأمم المتحدة للمرأة في سبتمبر، أشاد 'جاك ما'، كبير رجالات التجارة الإلكترونية في الصين، بالمديرة التنفيذية للوكالة. وأمام حشد من الشخصيات البارزة ضمّ مليندا غيتس، والرئيس التنفيذي لشركة يونيليفر، بول بولمان، والملياردير الهندي نافين جين، استهل 'ما' كلمته قائلاً ببساطة: "كل هذا هو بفضل 'تأثير فومزيل'".
قد لا يكون إسم فومزيل ملامبو-نكوكا ذائع الصيت عالمياً لحد الآن، لكن هذا الأمر مرشح لأن يتغير في الفترة المقبلة. فمن خلال ترأسها لوكالة الأمم المتحدة للمرأة، أطلقت ملامبو-نكوكا أقوى حملة لمكافحة التمييز بين الرجل والمرأة على مستوى العالم، كما حددت العام 2030 موعداً لتحقيق المساواة بين الجنسين. وتدعو الحملة "بلانيت 50ـ50"، والتي أطلقت رسمياً العام الماضي، كل المعنيين من حكومات وقادة دول ومواطنين ليكونوا رواداً للمساواة ويلتزموا بالموعد المحدد. وتأمل ملامبوـ نكوكا، التي شغلت في السابق منصب نائب رئيس دولة جنوب أفريقيا، بأن تقود هذه الجهود إلى نقطة التحول الفعلية، أو نقطة اللاعودة، في عام 2030.
تقول: "لقد حان الوقت. نحن نعيش تلك اللحظة الآن، ولا يمكننا أن نضيعها. يجب على كل رئيس دولة أن يدرك أن موضوع المساواة بين الجنسين مدرج على جدول الأعمال، وأنني لن أتقاعس عن متابعة الموضوع مع كل واحد منهم".
تعدّ وكالة الأمم المتحدة للمرأة التي تأسست منذ خمس سنوات فقط أحدث المؤسسات التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة. كما توكل إليها واحدة من أصعب المهام، وهي الدفاع عن حقوق نصف سكان العالم. لكن على الرغم من جدّية هذه المهمة واحتفاء قادة العالم بها، ما زالت الوكالة تكافح لاكتساب موقع سياسي فاعل بين الوكالات الأخرى، والحصول على المخصصات المالية اللازمة لأداء مهامها في ظل الشح المتأصل في التمويل. كانت الميزانية المستهدفة لوكالة الأمم المتحدة للمرأة عند انطلاقتها 500 مليون دولار، لكن هذا الهدف لم يتحقق بعد. إذ يبدو أن العديد من الحكومات تجد صعوبة في إدراك أن تحقيق المساواة بين الجنسين مسألة لها أتعابها وكلفتها ليست بالزهيدة.
تقول ملامبوـ نكوكا: "ليست صدفة أن يكون هناك نقص بتمويل جدول أعمال المرأة في غالبية دول العالم، سواء كانت دولاً غنية أم فقيرة. كثيرون هم من يدعموننا، لكن عندما يتعلق الأمر بتخصيص الأموال تجدهم على وشك أن يقولوا ‘قد يكون من الأفضل لكم [النساء] أن تهتموا بالأمور المنزلية’. هذه مشكلة أساسية تحد كثيراً من عملنا".
حتى داخل الأمم المتحدة الوضع ليس أفضل. فعندما يأتي موعد تخصيص الميزانيات لمؤسسات الأمم المتحدة الصغرى لا يصل إلى وكالة المرأة إلا أقل من 3 بالمئة من الميزانية المطلوبة.
لا بد أن يتغير هذا الوضع. فخلال الحفل الذي شارك برعايته جاك ما، تبرع قادة القطاع الخاص ورواد العطاء بمبلغ إجمالي قيمته 20.6 مليون دولار. وفي اليوم التالي تعهدت الصين بمنح الوكالة 10 مليون دولار، مع إعلان انضمامها إلى أكثر من 80 دولة تعهدت بالعمل على ردم الفجوة بين الجنسين، وإحداث نقلة ثقافية داخل مجتمعاتها.
ضم المتحدثين في الحفل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي وجهت ملاحظة ناقدة للدول الداعمة التي تتباطأ في ترجمة أقوالها المنمقة إلى أفعال، إذ قالت: "التعهدات أمور جيدة. لكن الأفعال أفضل منها. دعونا نُقدِم على الأفعال".