يتميز التعليم بتأثير يمكنه إحداث تغيير في اقتصادات البلدان ومسارها المستقبلي، إذ أنه يعتبر الركيزة الحقيقية للتقدم. فإذا تمكّن كل شاب وشابة من اكتساب مهارات القراءة والكتابة للأغراض الوظيفية بحلول عام 2030، فسوف تنجح الدول ذات الدخل المتوسط في تحقيق مكاسب اقتصادية تعادل أكثر من ثمانية أضعاف ناتجها المحلي الإجمالي الحالي. وفي حال تمكّن كل طفل في الدول المنخفضة الدخل من إكمال المرحلة الثانوية بحلول عام 2030، فإن دخل الفرد سوف يرتفع بنسبة 75 بالمئة بحلول عام 2050، وفقاً لليونسكو.
لكن على الرغم من هذه الإحصائيات المدهشة، إلا أن التعليم على الصعيد العالمي يمر اليوم في أزمة. فالتقديرات تشير إلى أنه بحلول عام 2030 سيُنهي نصف أطفال العالم البالغ عددهم 1.6 مليار طفل تعليمهم من دون التمتع بالمهارات اللازمة للحصول على وظيفة. وينخفض هذا التأثير بشكل غير متناسب في أوساط الفئات الأكثر تهميشاً كالأقليات العرقية والإثنية، والمجتمعات التي تفتقر تاريخياً للخدمات، والأسر ذات الدخل المنخفض، والأطفال الواقعين في أتون النزاعات وحالات الطوارئ، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تراجع الدخل المستقبلي للأجيال القادمة بنحو 21 تريليون دولار.
وقد أظهرت إحدى الدراسات أن أكثر من ثلثي الأطفال في سن العاشرة في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل غير قادرين على فهم نص كتابي بسيط، وهو ارتفاع من نسبة الـ57 بالمئة المسجّلة قبل الجائحة. كما تشير أبحاث أخرى في الولايات المتحدة إلى أن الجائحة أثرت على الطلاب الصغار في السن أكثر من غيرهم حيث يتقن واحد فقط من كل ثلاثة منهم حالياً القراءة، ما يمثل أكبر انخفاض منذ بدء الاحتفاظ بسجلات.
فضلاً عن ذلك، وجد صانعو السياسات أنه من السهل للغاية تجاهل أزمة التعليم الآخذة في الاستفحال لأنها لا تشكل في العادة أولويةً بالنسبة للبالغين في سن الاقتراع. كما أن هذه الأزمة تفتقر للصور المؤثرة كحرائق الغابات المستعرة أو ذوبان القمم الجليدية التي جعلت أزمة المناخ - بحق - قضية عالمية.
لكن لا تشك للحظة أنها ليست كذلك، فأنظمة التعليم في جميع أنحاء العالم في خطر ولا بد أن يحدث التغيير الآن.
أفادت دراسة استقصائية عالمية شملت 10,000 شاب وشابة أجرتها منظمة ’ذيرورلد‘ Theirworld العام الماضي أن النتيجة التي توصلت إليها هي أن الشباب يشعرون بأنهم قد خُذلوا. فمن بين الشباب الذين شملتهم الدراسة، قال نصفهم تقريباً أنهم أصيبوا بخيبة أمل بسبب مستوى التعليم الذي تلقوه وأنهم لم يشعروا بأنهم مجهزون للمستقبل؛ وقال 69 بالمئة أن قادة العالم لم يفعلوا ما يكفي لضمان حصول جميع الأطفال على تعليم جيد، بينما اعتقد 88 بالمئة منهم أن قادة العالم بحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتمويل قطاع التعليم.