عندما وصل بي إن سي مينون إلى العاصمة العُمانية مسقط من جنوب الهند، وكان حينها يبلغ من العمر 28 عاماً، لم يكن في جيبه أكثر من 7 دولارات. كان ذلك في العام 1976 عندما كان الازدهار النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي يسير على قدم وساق، ما هيأ أرضاً خصبة لرائد الأعمال هذا الذي لم يكمل دراسته في إحدى كليات الهند آنذاك للتركيز على الفرص.
سارع مينون إلى إطلاق شركة صغيرة للأثاث والديكور الداخلي، التي ما لبثت أن وجدت سوقاً جاهزة في عُمان، السلطنة الساحلية التي كانت تشهد في ذلك الوقت ثورة عمرانية. تطورت الشركة في وقت قصير لتصبح شركة تجهيزات داخلية كبرى وتمكنت من الحصول على عقود رفيعة المستوى في دول مجلس التعاون الخليجي وخارجها، من بينها مسجد السلطان قابوس الأكبر في مسقط وقصور بروناي. وكان هذا النجاح الباهر في عُمان نقطة الانطلاق إلى كل من قطر وطاجيكستان والبحرين، ومن ثم إلى الهند والإمارات العربية المتحدة، حيث تتمتع مجموعة شوبا المملوكة للقطاع الخاص اليوم بمركز مرموق في مجال العقارات والبناء وغيرهما من المجالات.
وخلال مشواره هذا جمع مينون ثروة طائلة وصلت إلى نحو 1.1 مليار دولار، بحسب التقديرات الأخيرة لمجلة فوربس. غير أن تحقيق كل هذا الثراء جاء في ظل شروط فرضها مينون على نفسه. وعن ذلك يقول من مكتبه الفسيح الذي يقع في الطابق 13 في برج شوبا سفاير في الخليج التجاري، إحدى المناطق التجارية الرئيسية في دبي: "قبل أربعين عاماً، قررت أن أمنح نصف ثروتي للمجتمع. اتخذت هذا القرار عندما كنت أبلغ من العمر31 عاماً. فأنا أدرك كيف تكون الحياة عندما لا يملك المرء المال وأعي تماماً التبعات المترتبة على ذلك. لقد ألهمني ذلك لاتخاذ القرار بمنح خمسين بالمئة من ثروتي لعائلتي و50 بالمئة للمجتمع. رأيت أنها نسبة عادلة".
ولأكثر من عقد من الزمان، تبرع مينون بنحو ثمانية ملايين دولار سنوياً من خلال صندوق شري كروما الثقافي والخيري، الذي أنشأه عام 1994 لدعم المجتمعات الفقيرة في الهند. يعمل الصندوق كذراع خيرية لمجموعة شوبا ويدعى مشروعه الرئيسي "غراماشوبا" الذي يشكل اسمه تلاعباً لفظياً على اسم المجموعة "شوبا" ويعني أيضاً "المجالس القروية التقليدية" في اللغة السنسكريتية. يعمل مشروع غراماشوبا الذي تم إنشاؤه عام 2006 على تحسين التعليم والرعاية الصحية وسبل عيش الأسر ذات الدخل المنخفض في ثلاث بلدات قريبة من مدينة ثريسور في ولاية كيرالا، مسقط رأس مينون.
وبفضل الصندوق يوجد حالياً مدرسة وعيادة ودار للمسنين توفر جميعها الوظائف والخدمات لسكان البانشايات (أو المجالس القروية) في كل من فاداكينشيري وكيزاكينشيري وكانامبرا، وهي مناطق إدارية تضم كل واحدة منها قريتين اثنتين. وتشمل المبادرات المجتمعية الأخرى التي تستفيد من خدماتها نحو 5,000 أسرة في المنطقة مركزاً للتدريب المهني ومشاريع إرشاد للطلاب الواعدين ومؤسسة خيرية لتمويل مهور الزفاف وبرامج لدعم الأمهات الشابات وتمكين المرأة وتشجيع الزراعة المستدامة.
وينبع دافع مينون وحبه للعطاء من مبدأ بسيط للغاية، ويوضح ذلك بالقول: "لا يعد ذلك فضلاً أو معروفاً، فعندما يحقق المرء نجاحاً، عليه استثمار ثروته مرة أخرى في المجتمع. أنا أؤمن بالكارما وأن الشيء الوحيد الذي تأخذه معك هو أعمالك. لذلك كن طيباً وتعاطف مع الآخرين".