خلال الموجة الأولى لكوفيد-19 التي حدثت العام الماضي، ترك عشرات الآلاف من العمّال المهاجرين اليائسين المدن الهندية وخرجوا في رحلة طويلة سيراً على الأقدام للوصول إلى بلداتهم وقراهم. وبينما كان هؤلاء العمّال يسيرون آلاف الكيلومترات، كانت محنتهم تكشف عن الهوة العميقة التي تفصل بين المناطق الصناعية والريفية في الهند.
لقد شعرنا في مجموعة ’أفيشكار‘ Aavishkaar حينها بالعجز. ولكوننا شركة رائدة في مجال الاستثمار المؤثر، النهج الذي يستفيد من قوى السوق من أجل إحداث تغيير إيجابي، لم نتمكن من إيجاد نموذج أعمال قادر على سد رمق الجياع بأسرع وقت ممكن وفي الوقت نفسه الوفاء بمعايير تخصيص رأس المال التي نتبناها. لقد كانت هذه التجربة كفيلة بجعلنا نختبر عن كثب أوجه قصور الاستثمار المؤثر.
جاءت استجابتنا على شكل إطلاق مؤسسة ’أفيشكار‘ Aavishkaar Foundation لحشد رؤوس الأموال المقدمة على شكل منح من مجموعة ’أفيشكار‘ وتقديم الدعم الفوري للمحتاجين. ومن خلال عملنا مع شبكة من المنظمات التي تركز على المجتمعات المحلية في جميع أنحاء البلاد، وفي غضون ثلاثة أشهر من إطلاق المؤسسة، تمكنا من توزيع مليون حزمة غذائية وتقديم الدعم للعاملين على الخطوط الأمامية في سبعة مستشفيات حكومية بتزويدهم بمعدات الحماية الضرورية لعملهم.
ولم نكن الوحيدين الذين قاموا بذلك. فقد شهدنا في جميع أنحاء الهند استجابة هائلة ومشجعة لأزمة كوفيد-19 قام بها رواد الأعمال الاجتماعية والشركات المحلية والمنظمات الخيرية على حد سواء.
لقد ذكّرنا هذا التدفق للعمل الإنساني بأن هناك مجموعة متنوعة من الأدوار المهمة التي لا بد أن تضطلع بها رؤوس الأموال لمواجهة التحديات الإنمائية العالمية. فما الذي يمكننا تغييره من خلال توجيه المزيد من رؤوس الأموال العالمية – الخيرية والاستثمارية على حد سواء – من أجل إحداث تأثير مستدام على المستويات المحلية؟
صيغ مصطلح ’الاستثمار المؤثر‘ في منتصف العقد الأول من الألفية عندما استضافت مؤسسة ’روكفلر‘ Rockefeller Foundation محادثات ضمت أصحاب المصلحة المتعددين وبحثت كيفية توظيف رؤوس الأموال بطريقة مختلفة. تسعى هذه الجهود للتصدي للاستراتيجيات التقليدية لتخصيص رأس المال من خلال جعل الاستثمار المؤثر يسير جنباً إلى جنب مع مبادرات العطاء والعمل الخيري لتحقيق نتائج مستدامة.
ولم يكن هذا الأمر أكثر أهمية مما هو عليها اليوم. فالعالم سوف يحتاج إلى نحو 2.5 تريليون دولار كل عام حتى عام 2030 لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وهو مبلغ ضخم مقارنة بإجمالي رأس مال المتوفر من المانحين والذي يقدر بنحو 250 مليار دولار سنوياً.
غير أن ذلك يمثل أقل من واحد في المئة من مجموع رؤوس الأموال العالمية في حوزة البنوك والمؤسسات الاستثمارية ومديري الأصول والبالغة 400 تريليون دولار. وإذا كنا نملك أي فرصة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فعلى المستثمرين الاجتماعيين اتخاذ الخطوات اللازمة لتشجيع المستثمرين العالميين على ’فعل الخير‘ و ’القيام بذلك ’على أحسن وجه‘.