ومن هذا المنطلق، أود أن أناقش ثلاثة مجالات تعاني من نقص التمويل يمكن لرواد العطاء توجيه مواردهم وجهودهم وقدراتهم في مجال الشراكة نحوها. ومن شأن هذه المجالات أن تخفف من الأزمة الكوكبية الثلاثية، وبالتالي تحقيق مكاسب كبيرة للتنمية المستدامة.
- إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي
التزم العالم في إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي بعدة أهداف، من بينها: وقف وعكس اتجاه فقدان التنوع البيولوجي، وحماية 30 في المئة من البيئات البرية والبحرية، واستعادة 30 في المئة من المناطق البرية والبحرية بحلول عام 2030، والحد من المغذيات الزائدة المفقودة في البيئة، وتقليل المخاطر الناجمة عن المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية الخطرة، والتصدي للأنواع الغريبة الغازية، وغيرها الكثير.
ويتطلب تحقيق هذه الأهداف الحصول على تمويل كبير ويمكن التنبؤ به، كما يؤكد الهدف المتمثل في حشد 30 مليار دولار سنوياً للدول النامية بحلول عام 2030. وينبغي تخصيص هذا التمويل لمختلف المجالات حتى تتمكن الحكومات من تنفيذ الإجراءات التي دعا إليها إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي.
وخلال اجتماع جمعية مرفق البيئة العالمية في أغسطس 2023 تم إطلاق الصندوق العالمي للتنوع البيولوجي بمساهمات أولية من كندا والمملكة المتحدة. لكن لا بد لنا أن نبدأ بتجديد موارد هذا الصندوق بشكل عاجل لنتمكن من الشروع في التنفيذ الجاد لهذه الأهداف.
- تنفيذ اتفاق عالمي للقضاء على التلوث البلاستيكي
أصبح التلوث البلاستيكي منتشراً وضاراً على نحو متزايد. ففي كل عام، تدخل ملايين الأطنان من التلوث البلاستيكي إلى البيئات البحرية، مما يشكل تهديدات للصحة بسبب المواد الكيميائية الضارة. علاوة على ذلك، يساهم اقتصاد البلاستيك التقليدي وغير المستدام في تغير المناخ من خلال الانبعاثات التي يولدها.
والخبر السار هو أنه قد أصبح لدينا اليوم مسودة أولية قيد الدراسة لاتفاق يهدف إلى القضاء على التلوث البلاستيكي. ومن المقرر أن يبدأ المفاوضون في النظر في التفاصيل في نيروبي في نوفمبر من هذا العام سعياً للموافقة عليه بحلول عام 2024.
وتتضمن المسودة الأولية جميع العناصر الضرورية لوضع حد للتلوث البلاستيكي وتعزيز بيئة أنظف، وخلق وظائف لائقة وإطلاق العنان لفرص عمل حقيقية. وتشمل هذه العناصر القضاء على المنتجات البلاستيكية الإشكالية وغير الضرورية؛ وإعادة تصميم المنتجات وتعبئتها وتغليفها لتقليل استخدام البلاستيك؛ تيسير ممارسات إعادة الاستخدام والتعبئة والإصلاح وإعادة التدوير؛ والتحول إلى بدائل آمنة؛ وتحسين إدارة النفايات والتخلص منها بطريقة سليمة بيئياً.
ولذلك فإنني أدعو المفاوضين إلى وضع أهداف وجداول زمنية طموحة. وأحث القطاع الخاص أيضاً على الشروع في الابتكار على الفور، مع التركيز على التخلص من المواد البلاستيكية والمواد الكيميائية الضارة. كما أدعو إلى توفير الموارد المالية اللازمة لتنفيذ هذا الاتفاق.
وفي حين يتعين على الحكومات والقائمين على صناعة البلاستيك قيادة هذه الجهود، من المحتم أن تكون هناك فجوات. إننا بحاجة إلى التضامن وحشد الدعم والتمويل من أجل التأكد من انتقال عادل يبقي الأفراد مثل جامعي النفايات في صميم هذه الجهود. ويعد الاستثمار في إدارة النفايات الصلبة أمراً بالغ الأهمية، وبطبيعة الحال، نحن بحاجة إلى القيام باستثمارات من أجل تنظيف التلوث القديم لمنع استمرار وصوله إلى سواحلنا لعقود قادمة.
- التكيف مع تغير المناخ
كما ذكرت سابقاً، لقد أصبح تغير المناخ حقيقة واقعة. فبالكاد يمر يوم دون أن تسفر أحداث مرتبطة بتغير المناخ عن خسائر في الأرواح وتدمير للممتلكات وسبل العيش.
ولذلك لا بد أن يتخذ إجراءات فورية بشأن التكيف. ويمكن القيام بذلك من خلال: الاعتماد بشكل كبير على الموارد الطبيعية؛ والاستفادة من المعارف التقليدية؛ واستعادة النظم البيئية وإدارتها؛ وإصلاح النظم الغذائية لحماية سبل العيش وتعزيز الأمن الغذائي؛ وإعطاء الأولوية للإنذار المبكر والتأهب؛ وجعل المدن والبنى التحتية قادرة على الصمود في وجه تأثيرات المناخ.
علينا أن ننظر بعناية في المشاريع التي تعزز القدرة على التكيف مع تغير المناخ وفي الوقت نفسه الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. وقد أثبت الحلول القائمة على الطبيعة، مثل استعادة النظم الإيكولوجية الساحلية، فعاليتها بشكل خاص، لأنها لا تقوم بعزل الكربون فحسب، بل تقدم أيضاً جميع أشكال خدمات التكيف، لا سيما الحماية من الظواهر الجوية المتطرفة.
ولتحقيق هذا الهدف، سنحتاج إلى أكثر من 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030. فالفجوة التمويلية كبيرة وتدفقات الأموال للدول النامية من أجل التكيف أقل بخمس إلى عشر مرات من المتطلبات المقررة، وهذه الفجوة مستمرة في الاتساع. ولا بد أن يتم الحصول على هذا التمويل من مصادر مختلفة، بما في ذلك الأعمال الخيرية، وأن يتم توجيهه بشكل فعال من خلال الأطر الدولية والوطنية.