كيف تصفون الاستجابة العالمية فيما يتعلق بتوفير التعليم للاجئين؟
كيفن واتكينز: أرى أنها كانت بين ضعيفة وغائبة تماماً. فلم يضع سوى عدد قليل جداً من الدول خطط استجابة للتصدي لتبعات كوفيد-19 على التعليم بحيث يكون اللاجئون جزءاً منها. وعلى الرغم من وجود بعض المبادرات – حيث قامت الشراكة العالمية من أجل التعليم، والبنك الدولي كذلك، ببذل المزيد من الجهود في هذا الإطار– لكن لم تقم أي جهة بدور ريادي حقيقي لمساندة اللاجئين على مستوى العالم، كي نتمكن من القول لهم أن المجتمع الدولي سيساندكم ويضعكم على مسار التعليم من جديد.
لم يكن لدينا خطة متماسكة بشأن تعليم اللاجئين قبل الأزمة. واليوم، وفي الوقت الذي نحتاج فيه وبشدة إلى مثل هذه الخطة للتعافي، فإننا لا نجدها بين أيدينا.
ما هي التحديات الأكثر إلحاحاً برأيكم، في ظل غياب استجابة موحدة؟
كيفن واتكينز: ليس لدينا صورة كاملة من حيث البيانات، لكن بوسعنا أن نفترض أن أكثر من نصف اللاجئين غير موجودين حالياً في بيئة تعليمية. من هذا المنطق، فإن أحد التحديات البديهية التي نواجهها هو ضرورة الوصول إلى هؤلاء الأطفال - سواء من خلال التعليم عن بُعد أو التعليم بوساطة الراديو أو المكتبات المتنقلة أو غيرهما من الخيارات.
ثانياً، وبعيداً عن التركيز على الفصول الدراسية، فإن اللاجئين يعيشون واقعاً تتفاقم فيه مستويات الفقر وسوء التغذية. فالأطفال الجياع لا يستطيعون الاستفادة جيداً من التعليم، ولذلك هناك أزمة فقر لا بد من التصدي لها.
وأخيراً، وهذه نقطة يتم إهمالها كثيراً، تعرض العديد من هؤلاء الأطفال لصدمات نفسية. فنحن في الحقيقة نعيش في عصر الإفلات من العقاب لارتكاب جرائم ضد الأطفال في الحروب. لقد رأينا ذلك في سوريا، ورأيناه كذلك في جنوب السودان. ولذلك يحتاج هؤلاء الأطفال في الكثير من الأحيان إلى الحصول على خدمات المشورة بشأن الصدمات النفسية كي يصبحوا قادرين على التعلُم.
ولا تعد الاستجابة لهذه المسائل بالضرورة مهمة صعبة، ولكنها تتطلب تخطيطاً متسقاً والتزاماً مالياً وإرادة سياسية، وهناك افتقار لجميع هذه العناصر من وجهة نظري.
سونيا بن جعفر: عند إلقاء نظرة شاملة على التحديات، فسنجد أن 80 في المئة من اللاجئين يعيشون على 3 دولارات في اليوم في كل من الأردن ولبنان، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وهناك تأثير غير متناسب على الأطفال اللاجئين، لاسيما الأكثر تهميشاً منهم، بمن فيهم الفتيات والأطفال العاملون وذوو الإعاقة. كما تبرز هذه التحديات الحواجز الثقافية القائمة. فنحن نشهد الآن زيادة في خطر تسرب الذكور من المدارس، كما أن زواج الأطفال آخذ في الارتفاع مرة أخرى، حيث بات تزويج الفتيات الصغيرات وسيلة لسد احتياجاتهن المعيشية - وهكذا، تستمر هذه القضايا في التراكم، الواحدة تلو الأخرى.
نحن بحاجة إلى التفكير على بطريقة أشمل. فأقل من 2 في المئة من اللاجئين فقط، على ما أظن، يلتحقون بالتعليم العالي. وقد لا يتمكن أولئك الذين يحالفهم الحظ ويحصلون على شهادة جامعية من الحصول إلى عمل في المناطق التي يعيشون فيها. فهذه البيئة غير متاحة لهم. ولذلك لا يتعلق الأمر بالنسبة لنا بتأمين حصولهم على التعليم فقط، بل علينا أيضاً فتح الآفاق أمامهم لرفع مستوى المعيشة وتأمين سبل كسب العيش، فذلك قد يكون بمثابة تغيير جذري بالنسبة للأسر والمجتمعات، وما التعليم إلا جزء واحد فقط من المشكلة.
كيف يمكنكم القيام باستجابة إنمائية شاملة؟
سونيا بن جعفر: نحن بحاجة إلى تعزيز الترابط بين الشركاء العالميين والإقليميين، والقطاع الخاص، وإلى ردم الفجوات بين أنظمة التعليم وأسواق العمل. كما أننا بحاجة إلى شركات تنضم إلى الجهود من خلال توظيف اللاجئين وتدرك بأنها إذا كانت حقاً ملتزمة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، فعليها الانخراط في العمل. نحن بحاجة إلى مشاركة الجميع - الحكومات والشركات والجهات المانحة والمنظمات غير الحكومية – وإلى الاستماع إلى الأشخاص الذين نحاول مساعدتهم.
كما نحتاج إلى إشراك التعليم الحكومي لأننا نريد أن يكون اللاجئون مشمولين في أنظمة التعليم الوطنية من أجل توفير الحماية لهم.
هل أتاح الوباء أي فرص لتوسيع نطاق الوصول إلى التعلم الرقمي؟
كيفن واتكينز: إنه لمن المغري للغاية البحث عن الجوانب المشرقة، لكنني سأكون حذراً من المبالغة في قيمة الحلول التقنية لأزمة التعليم. ففي عملي اليومي، غالباً ما أتعرض لوابل من الأفكار الرائعة التي صُممت في وادي السيليكون أو في أي مكان آخر، كابتكار تطبيق يعد بتمكين كل لاجئ من القراءة والكتابة، على سبيل المثال. لكن التعليم لا يتم بهذه الطريقة. فالعلاقة بين المعلم والمدرسة والمجتمع والطفل مهمة للغاية. كما تصبح الحلول ناجعة عندما نتواصل ونتفاعل حقاً مع المجتمع لفهم ما الذي يمكننا القيام به وما هي الاحتياجات المطلوبة.
ما أود قوله هو أننا، وكثيرين غيرنا، قد بينّا على نطاق مصغر ما هي الحلول الممكنة. فبرنامجنا الذي يطلق عليه اسم ’تري‘ Tree [مبادرة بناء قدرات المعلمين والعملية التعليمية في المدارس الحكومية] على سبيل المثال، يركّز على تدريب المعلمين لتحسين جودة التعليم ونتائجه. يتميز هذا البرنامج بتأثير إيجابي مضاعف، فكل معلم قد يتواصل مع 30 أو 40 طفلاً، ومع توفر التعليم عبر الإنترنت والدعم من جانب السلطات الوطنية، قد يصبح برنامجاً قابلاً للتوسع.
سونيا بن جعفر: أعتقد أن الجائحة قد أوضحت أن بعض الأفكار قد تم التراجع عنها لأن صانعي القرار لم يكونوا مستعدين لاستثمار أموالهم في تكنولوجيا المعلومات باعتبارها أداةً [للتعليم]. كما بيّن لنا أن الحصول على اتصال سريع بالإنترنت مسألة تنظيمية أخرى لا بد من الاهتمام بها، ولذلك لا يمكن أن تكون تكنولوجيا المعلومات هي الحل الوحيد في الوقت الذي لا يستطيع الكثير من الأشخاص الوصول إلى الفضاء الرقمي. لكن عندما يتم أخذ هذا الحل على محمل الجد، فإنه قادر على العمل بشكل جيد.
إن جميع الاستجابات التي نعتقد أنها قابلة للتوسع عبارة عن برامج تم إنشاؤها على الأرض لخدمة المجتمعات. غير أن نهج "النسخ واللصق" لا يمكن ينجح في تطوير التعليم، لأن الثقافة وإمكانية الوصول إلى الموارد والسياق عوامل تختلف كثيراً من مكان إلى آخر.
تتطلب الحلول الشعبية شركاء من المجتمعات المحلية، مع ذلك غالباً ما يتم تجاهل هذه المنظمات من قبل الجهات المانحة الكبرى والعالمية. فهل تساهم جائحة كوفيد-19 في تغيير هذه الدينامية؟
كيفن واتكينز: أعتقد أننا جميعاً نتذكر القمة العالمية للعمل الإنساني في اسطنبول، حيث تم إطلاق مبادرة "الصفقة الكبرى"، التي تضمنت الالتزام بتوفير المزيد من أموال المانحين للجهات التي تتصدى للأزمات على المستوى المحلي. غير أن المانحين يضعون الكثير من العقبات أمام تحقيق ذلك. ويرجع سبب تقديمهم الكثير من الأموال عبر وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية إلى رغبتهم بتحويل المخاطر إلى مكان آخر. لكن متطلبات الإبلاغ المتعلقة بالمخاطر الائتمانية أو "تشريعات مكافحة الإرهاب" معقدة للغاية ومن المستحيل بالنسبة للمنظمات المحلية تلبيتها. نحن نتحدث عن إنهاء "الهيمنة" على قطاعي المساعدات الإنسانية والتنمية، لكن هذا ما يعرقل السير بهذا الاتجاه.
علينا جميعاً، بما في ذلك منظمة إنقاذ الطفولة، لعب دور في حل هذه المشكلة. علينا بذل المزيد من الجهود.