صنِّفَ قرابة 800 مليون شخص على أنهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي في عام 2022 وذلك نتيجة لعوامل عدّة، منها الصراعات وتكاليف المعيشة وفيروس كورونا والتغيُّر المناخيّ، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو).
وفي ظل ارتفاع الاحتياجات وتقلص الميزانيات اللازمة لسدِّها، تقف وكالات الإغاثة عاجزة عن مواكبة الطلب الذي يتعيّن عليها تلبيته، ويؤدي تقلص الميزانيات إلى تخفيض حصص الإعاشة مما يؤدي بدوره إلى المزيد من الجوع وسوء التغذية والفقر وانعدام الأمن.
تم تسجيل هذه الحلقة من "استوديو الأثر"، قبل استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28)، لنسلِّط الضوء على أزمة الغذاء العالمية، وننظر عن كثب في الطرق التي كان فيها التغيُّر المناخيّ سبباً في تفاقم الجوع، وندرس دور العمل الخيري في دعم الحلول على مستوى المنظومة.
تخبِرُنا كاثرين بيرتيني، التي شغلت منصب المديرة التنفيذيّة لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لمدة 10 سنوات، عن إحصائيات صادمة حول الحجم المروع لمشكلة الجوع العالمية وما تعنيه بالنسبة للأفراد والمجتمعات.
إذ قالت كاثرين لمستضيفتنا ميسا جلبوط: "إنَّ التركيبة التي نواجهها اليوم تحتوي عاملين متزامنين هما الأعداد المتزايدة للكثير من الناس الذين ما زالوا يعيشون في ظروف حرب طويلة الأمد أو صراعات أهلية ونقص المساعدة أو الدعم من جهة أخرى، الأمر الذي يجعل هذا العام صعباً للغاية بكل ما للكملة من معنى".
لكنَّ بيرتيني، الذي حصلت على جائزة الغذاء العالمية لعام 2003، وتعمل الآن مع مؤسسة روكفلر في مبادرة تهتم بشؤون الغذاء، تأمل أن يفضي مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالتغيُّر المناخيّ COP28 إلى عمل جديد يتمحور حول الروابط بين الزراعة والمناخ.
"شكَّل العام الماضي المرة الأولى التي يعترف فيها مؤتمر الأطراف (COP27) بضرورة مناقشة الزراعة وأخذها بعين الاعتبار في سياق التغيُّر المناخيّ، وهذا العام تضع دولة الإمارات العربية المتحدة هذا الأمر في مقدمة اهتماماتها المحورية... لذا آمل أن يكون هناك اعتراف دائم بأن الزراعة والمناخ هي قضايا ترتبط على الدوام ببعضها وبشكلٍ معقد".
وفي الوقت نفسه، أوضح الدكتور ألوك رانجان، مدير البرامج والاستثمارات في ’ذا باور أوف نوتريشن‘ (The Power of Nutrition)، وهي مؤسسة خيرية وتعاونية تمويلية مدعومة من الحكومة تستهدف إيجاد حلول لسوء التغذية، كيف يمكن أن يحدد تناول الأطفال الطعام بشكل جيد - أو غير ذلك - في أول 1،000 يوم من عمرهم مسار حياتهم المستقبلية.
ويستطرد ألوك قائلاً: "ما يقرب من 80 إلى 90 بالمائة من نمو الدماغ يحدث خلال أول ألف يوم من حياة الإنسان، وهذه هي الفرصة الذهبية التي لدينا". ويقول لمستضيفته ميسا: "إِنَّ التغذية الجيدة لها تأثير كبير ليس فقط على الصحة، ولكن كذلك أيضاً على نتائج التعليم... ومن أحد الاقتباسات المفضَّلة لديَّ هو ’اثنان يساوي 17‘ لِأنَّ إحداث تأثير على عالم الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة له تأثير على جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر الأخرى".
وفي ختام الحلقة، دعا الدكتور جويو روبا، مدير مرصد جميل للعمل المبكر للأمن الغذائي في كينيا، وهي مبادرة مدعومة من المؤسسات الخيرية تستخدم البيانات للتخفيف من تأثير التغيُّر المناخيّ على النظم الزراعية، إلى ’العمل بشكلٍ أفضل من أجل مستقبل الغذاء‘.
ويكمل روبا قائلاً: "نحن بحاجة إلى الاستثمار في الاستعداد للإنذار المبكر والاستجابة بشكل أفضل بكثير مما نحن عليه الآن". "نحن بحاجة أيضاً إلى مواءمة تمويلنا لأن أكثر ما نفتقده هو وجود إنذار مبكر، وأن يكون التنبؤ واضح جداً وأن يأتي في الوقت المناسب، ولكن بعد ذلك كله لا يوجد تمويل لدعم الناس عند الصدمة الأولى".